إن شبه جزيرة اليونان والتي تعرف بـبلاد اليونان ، هي متفرعة عن ( شبه جزيرة البلقان ) ، وتضم إليها بعض الجزر الصغيرة ، وهي تقع في القسم الجنوبي من القارة الأوروبية ، وتطل على البحر الأبيض المتوسط وأيضا على بحر إيجه ، بحيث منحها هذا الموقع ، وجودها على مقربة من قارات العالم القديمة ، لتطلع على الحضارات القديمة ، كـحضارة ( سوريا ، ومصر ، والعراق ، وآسيا الصغرى ) .
إن طول بلاد اليونان تصل إلى 400 كم ، أما عرضها فهي 300 كم ، ويغلب عليها المرتفعات والجبال بحيث تغطي 80 % من البلاد ، ونجد بأن السلاسل الجبلية قد قامت بتقسيم بلاد اليونان إلى مناطق منعزلة صغيرة ومنفصلة عن بعضها بسبب اختلاقها للبلاد في الاتجاهات جميعها .
تتميز البلاد بوفرة أنهارها ، ذات الجريان السريع ، ونرى أن بعضها فقط من يصلح لأمور الملاحة ، أما البعض الآخر فإنه يجف صيفا ، الأمر الذي أدى إلى ازدياد انعزال بعض مناطقها ، بحيث نجد بأنها قد حجبت هذه الأنهار بعض أقسام البلاد عن بعضها الآخر ، على عكس تعرف ما هو معروف عن طبيعة الأنهار في تغطية البلاد وشملها ببعضها ، ما أدى إلى عزل اليونانيين فيما بينهم ، ومكوثهم في مدنهم المستقلة الصغيرة ، وبذلك فإن الأنظمة السياسية فيما بينهم كانت ضعيفة ومشتتة وكثرت فيها المدن الصغيرة والدويلات لفترات من تاريخ البلاد .
إن بلاد اليونان وكونها تشرف على البحر المتوسط ، أدى هذا تميزها من الناحية المناخية والطبيعية والاقتصادية على حد السواء ، حيث كان لكثرة تعاريج شواطئها الدور الكبير في انتظام الملاحة ، نظرا لوجود موانئ طبيعية في البلد ، وكان لهبوب الرياح الدور الأكبر في الملاحة ، ولما لوجود عدة جزر مهمة وهي ( قبرص ، وكريت ، ورودوس ) الدول الأكبر في تسهيل الانتقال والحركة إلى كل من البلاد المجاورة كسوريا وليبيا ومصر وإيطاليا ... فكان لهذا البحر الدور الأكبر في كل من أعمال التجارة والملاحة والسياسة والهجرة في بلاد اليونان ، وقد نرى قديما أن الإغريق قد قاموا بالتعويض عن نقص موارد بلادهم بركوب البحر والملاحة فيه ، بحيث أصبح موردهم الأول الاقتصادي .
إن نسبة الأراضي في بلاد اليونان التي كانت تصلح للزراعة هي قليلة ، وهي قليلة السماكة إضافة إلى أن تربتها فقيرة ، فبالتالي كانت غير صالحة لأغلب المحاصيل الزراعية ، وزيادة على هذا فإن مياهها قليلة ، لنجدها تتميز بزراعة ( أشجار الزيتون ، وأيضا كروم العنب ، والخضراوات ، والقمح والشعير ) ، ولكن ورغم افتقار التربة لمقومات الزراعة الشاملة ، فقد كانت غنية بالثروات المعدنية ، لنجد فيها ( الذهب ، والفضة ، والنحاس ، والرخام ، والحديد ، والصلصال ) .