الحسن والحسين
زوّج النّبي عليه الصّلاة والسّلام ابنته فاطمة الزّهراء من ابن عمّه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ولدت رضي الله عنها أربعة أولاد هم: الحسن، والحسين، ومحسن، وأم كلثوم، وقد كان الحسن والحسين سبطي النّبي الكريم من أحبّ النّاس إلى قلبه، فكثيرًا ما كان النّاس يرونه يقبّلهما ويحتضنهما قائلاً اللهم إنّي أحبّهما فأحبّهما، وقد دخلا يومًا الى المسجد والنّبي عليه الصّلاة والسّلام يخطب فنزل من على المنبر وهو يقول لقد رأيت ابني هذين فلم أصبر، وقد عدّهما سيدا شباب أهل الجنّة، ووصّى المسلمين بهما بقوله من أحبّهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني.
تعرّض المسلمون إلى فتنة شديدة وصراع على السّلطة بعد مقتل سيّدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد استمرّت تلك الفتنة في خلافة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبعد وفاة علي تولّى الخلافة ابنه الحسن، ولكن لم يبايع والي الشّام حينئذ معاوية ابن أبي سفيان وعزم على محاربته، فاستقرّ الأمر عند الحسن بن علي في أن يتنازل عن الخلافة حقنًا لدماء المسلمين.
تنبّأ النّبي عليه الصّلاة والسّلام بذلك بقوله إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين، وقد اتفق مع معاوية على أن يتولى الخلافة مقابل شروط واتفاق من ضمنها أن تؤول الخلافة من بعده للحسن بن علي، وفي سنة خمسين للهجرة تتحدّث بعض الرّوايات أنّ معاوية ابن أبي سفيان قام بإغراء زوجة الحسن بن علي لتقوم بدسّ السّم في طعام زوجها الحسن حتّى يتخلّص منه فيستطيع توريث ابنه يزيد لتولي الخلافة من بعده، وإن كان أهل السّنّة ينزّهون معاوية من القيام بهذا الفعل، وقد مرض الحسن رضي الله عنه وبقي أربعين يومًا حتّى توفّاه الله تعالى وقام بتغسيله وتكفينه أخوه الحسين بن علي ودفن في البقيع بجوار جدّته فاطمة بنت أسد.
أمّا الحسين بن علي رضي الله عنه فقد رفض مبايعة يزيد بن معاوية بالخلافة بعد أبيه، وقد قام أهل الكوفة في العراق بمراسلته وإقناعه بالسّفر إليهم لمبايعته في الخلافة ونصرته، وحينما وصل العراق تصدّى له جيش يزيد بقيادة عبيد الله بن زياد والي العراق، وقد حدثت وقتها مقتلة عظيمة لآل البيت استشهد فيها الحسين رضي الله عنه وكثيرٌ من أهل بيته، وقد قطع الرّأس الشّريف وذهب به إلى الشّام، أمّا مكان دفن الحسين فقيل إنّ جسده دفن في كربلاء، وقامت السّيدة زينب بأخذ الرّأس من دمشق ودفنه مع الجسد، وقيل دفن الرّأس في عسقلان في فلسطين، وقيل في دمشق، وقيل في القاهرة، والصّحيح أنّ قبره غير معلوم علمًا يقينيًّا.