من النّجوم الذين خلّدت سيرتهم في سفر المتّقين سيّدنا الحسن بن الإمام عليّ رضي الله عنهما، فقد نشأ الحسن بن علي في كنف النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فهو ابن السّيدة فاطمة الزّهراء رضي الله عنها، وهو ابن سيّدنا علي ابن عمّ رسول الله، ومن أحبّ النّاس إلى قلبه وأقربهم إليه منزلة، وقد أحبّ النّبي الكريم حفيداه الحسن والحسن رضي الله عنهما كثيراً، حتّى أنّه كان لا يملك نفسه عندما يراهما حتّى وهو على المنبر يخطب في النّاس، فقد دخلا يوماً إلى المسجد وهو يمشيان ويعثران، فنزل النّبي الكريم عليه الصّلاة والسّلام وحملهما وقال إنّي رأيت ابني هذان فلم أصبر، وقد كان الحسن رضي الله عنه من أشبه النّاس خلقةً بالنّبي الكريم، وقد رآه يوماً أبو بكر الصّديق رضي الله عنه بين يدي أبوه، فأخذه وحمله وقبّله وهو يقول شبيه بالنّبي لا شبيه بعلي، وسيّدنا علي يضحك، وقد بيّن النّبي صلّى الله عليه وسلّم فضل الحسن والحسين بقوله أنّهما سيدا شباب أهل الجنّة، وهما بضعةٌ من النّبي الكريم، من أحبّهما فقد أحبّ النّبي، ومن أبغضهما فقد أبغض النّبي، وقد خصّ النّبي الكريم سيّدنا الحسن بقوله إن ابني هذا سيّد، وعسى الله أن يصلح به بين طائفتين من المسلمين، وقد كان ذلك حين تولّى الحسن رضي الله عنه الخلافة، وقد كان الخلاف قد استعر يومئذٍ بين المسلمين، فكانت طائفةٌ مع معاوية رضي الله عنه، وطائفةٌ وقفت مع سيّدنا الحسن، فكان موقف الحسن بن علي أن يتنازل عن الخلافة حقناً لدماء المسلمين في وقت كانت فيه نفوس الكثير تتطلع إلى السلطة، فكان لهذا الفعل سيّداً في الدّنيا والآخرة.
ومن الرّوايات التي تروى عن سبب وفاته رضي الله عنه، أنّ زوجته جعده بنت الأشعث قد قدّمت له سمّاً في شرابه، وقد دخل عليه أخوه يوماً فقال له إنّي قد شربت السّم مراراً، ولكن هذه المرّة قد وضع كبدي، إشارةً إلى شدّة ما يعالج من آثار السّم وألمه، وقد قيل أنّ زوجته فعلت ذلك بايعازٍ من يزيد بن معاوية الذي وعدها بأن يتزوّج منها إذا فعلت ذلك، وقيل في ذلك أقاويل كثيرة، والرّاجح أنّه قد توفي مسموماً رضي الله عنه لينال الشّهادة في سبيل الله، وقد خلدت مواقف سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه في سفر عظماء الإسلام وأبطالهم.
