أتعلم تعرف ما هو أقصر حوار قد يدور بينك وبين شخص آخر؟
أتعلم تعرف ما هو الحوار الذي قد تجريه مع الآخرين في فترة قصيرة جداً وتفهم كل ما يكون في هذا الحوار حتى دون أن تتكلم بكلمة واحدة؟
هل فعلاً هناك بعض الحوارات التي نجريها مع الآخرين ولا نحتاج فيها إلى أن نتكلم كثيراً وأن نشرح كثيراً؟
لو فكرت قليلاً في هذه الأسئلة، وسرحت مع نفسك لوجدت أن هذه الإسئلة لها إجابة واحدة قد تناسب جميع هذه الأسئلة، وأنّ هناك فعلاً يوجد حوار قصير بين شخصين بحيث هذا الحوار لا يتعدّى بضع ثواني ولكن من خلاله يستفيد كلا الشخصين.
هذا الحوار الذي أقصده هو "حوار الإبتسامة" تلك الإبتسامة التي لا تكلف شيئاً ولا تأخذ وقتاً، وبنفس الوقت تكون عبارة عن حوارٍ كامل يستطيع الإنسان من خلاله الحصول على الإستفادة التي يريدها كيف ذلك؟
وأنت تسير في الطريق ووجدت إنساناً يبتسم لك، أنت في هذه الحالة وبشكل تلقائي ستبتسم له، وستعرف من خلال ذلك أن هذا الإنسان يعلن للآخرين أنّه بخير ويملأ قلبه الرّضا عن حاله وأحواله، بل إنّه قدم النّصيحة غير المباشرة للآخرين بأن ابتسموا فالدّنيا لم تخلق للعابسين.
أليس كل حوار له من العناصر ما تجعله حواراً كامل الأركان، فكل حوار يحتاج إلى المرسل والمستقبل والرّسالة _أي الحوار نفسه_ والوسط الذي سينتقل فيه هذا الحوار، بالإضافة إلى التغذية الراجعة التي يأخذها كل من المرسل والمستقبل، وهذا بالضبط ما يحدث في أقصر حوار بين شخصين وهو "حوار الابتسامة". فصاحب الإبتسامة هو المرسل، ومن يبتسم له هو المستقبل، والإبتسامة وأثرها في النّفس هي الحوار القصير الذي يستخدم لبيان حال الإنسان، والتّغذية الراجعة هي ابتسامة المستقبل التّلقائية كرد فعل طبيعي.
إنّ هذا الحوار القصير يصلح مع الجميع، مع العدو والصديق، يصلح لأن يكون إعلاناً بأنّنا بخير وعافية، ويصلح مع العدو بأن نفوّت على هذا العدو فرصة أن يشعر بالإنتصار علينا، حيث تكون الإبتسامة هنا بأقل من ثانية حواراً صادماَ مع العدو بأنّنا أقوى مما يتصوّر، وفي احسن وأفضل حال مما كان يظن. إنّه فعلاً الحوار الذي يصلح في كل الاوقات.
"تبسّمك في وجه أخيك صدقة" فكيف إذا كانت الإبتسامة حواراً قصيراً!! فكيف إذا كانت في وجه من من أزعجك بكلامه!!، البعض يريد إزعاجك، وأنت تريد أن ترد لهم هذا الإزعاج بأسلوبك الرّاقي، فكيف يكون ذلك؟ يكون ذلك عن طريق حوار قصير وخاطف تستطيع من خلاله أن تكون أنت المبادر في رد الإساءة التي تعرّضت لها بأسلوب جميل وهو الإبتسامة.
إنّ هذه الإبتسامة كما ذكرت من أقصل الحوارات التي تحدث بين شخصين، وأثرها في النّفس يبقى طويلاً، فحافظ عليها مع من تعرف ومن لا تعرف، فلا تدرِ أين يكون أثرها.