للحديث عن الخلافة بشكل عام والخلافة الإسلامية بشكل خاص باب كبير له فروع وأفكار عدّة. في البداية سأتحدث عن الخلافة بشكل عام. الخلافة لغة: تشتق من (خَلَفَ)، وخلف رفيقه: أي صار خلفه وناب مكانه، والخلافة: هي الإمامة أو الإمارة، ويُقال: عاش في عصر الخلافة: أي عاش في المرحلة التي حكم فيها الخلفاء الراشدون ومن جاؤوا بعدهم. أمّا الخلافة اصطلاحا: فهي الإصطفاء؛ أي أنّ الله اصطفى بني البشر من دون الخلق كلّه من الملائكة والجن والحيوانات، ليستخلفهم في الأرض ويعمروها بما فيه صلاحها. كما أنّ الخلافة هنا تكون باختيار الله لنبي ورسول يصطفيه من بني البشر جمعاً ليكون قائداً بوحي من الله وينقل رسالات الله للبشرية.
أمّا الخلافة في مفهومها الخاص، فقد بدأت هذه التّسمية بعد وفاة الرسول محمد - صلّى الله عليه وسلم -، حيث اختير أبو بكر الصديق ليكون الخليفة الأوّل للمسلمين بعد وفاة أشرف الخلق والمرسلين. فالخلافة هنا تعني قيادة المسلمين وإمامتهم في الدّنيا لإقامة أحكام الدين الإسلامي وتشريعاته، ونشر الرّسالة الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
الخليفة هو من ينوب عن المسلمين في الحكم ويتّخذ القرارات، وفرض على المسلمين اتّباعه بعد مبايعته، ومن لا ينصاع لأوامر الخليفة في طاعة الله فهو مرتد ويقع عليه حكم الردّة. ويجب أن يكون مسلماً ذكراً بالغاً عاقلاً عدلاً حراً قادراً على القيام بأعباء الخلافة كلها وتحملها.
أمّا الخلافة الإسلاميّة فقد مرّت بعصور عدّة حتى نصل إلى عام 1924م، حيث تم في هذا العام إعلان إلغاء الخلافة على يد مصطفى كمال أتاتورك. العصر الأول من عصور الخلافة الإسلامية هو عصر الخلفاء الراشدين الأربعة، وهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب. العصر الثاني فهو عصر الخلافة الأموية التي بدأت بالخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان وانتهت بالخليفة هشام بن عبد الملك. تليها الخلافة العباسية التي بدأت بالخليفة أبي العباس السفاح وانتهت على يد المغول. وخلال فترة الحكم العباسي ظهرت الخلافة الفاطمية في مصر والتي لم يعترف بها إلا الشيعة. كما ظهرت الخلافة الأموية في الأندلس، وقد قامت خلال الفترة العباسية عدة دول تحت ظلها منها دولة السلاحقة والطولونية والقرامطة وعدّة دول أخرى. وعند انتهاء الحكم العباسي بالقضاء عليه على يد المغول، ظهرت الدولة العثمانية التي حكمت المسلمين لقرون عديدة، حتى انتهت بسقوطها الخلافة الإسلامية عام 1924م.
أمّا في عصرنا الحالي فهناك بعض التوجهات والحركات التي تدعو إلى إعادة إحياء الخلافة الإسلامية من جديد واختيار خليفة مسلم يوحّد المسلمين من جديد ليعيد لهم قوة أسلافهم ومجدهم. من هذه الحركات والأحزاب حزب الإخوان المسلمين، وحزب التحرير، وتنظيم القاعدة، وغيرهم من الحركات الأخرى التي تواجه بالكثير من الرفض من العالم الغربي خاصّة والشرقي كذلك.