هو محمود أيمن سليم حسين من أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ساهموا بتطوير الشعر العربي الحديث وهو أول من قام بإدخال الرمزية في الشعر فأدخل الحب للوطن بالحب للأنثى، كما كان من الشعراء الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن..
حياته
ولد محمود درويش عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا والتي بعد توقيع اتفاقيات الهدنة سنة 1949 ؛ هدمت وأنشئ على أراضيها قرية زراعية اسرائيلية و بعد ذلك انتقل مع عائلته الى قرية جديدة بعد أن عادوا متسللين من لبنان عام 1949. بعدما انتهى درويش تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف إلتحق إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل فيعدة صحف للحزب مثل صحيفة الإتحاد وصحيفة الجديد التي أصبح في ما بعد مشرفًا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام.
نشاطاته السياسية
اُعتُقِل محمود درويش من قبل السلطات الإسرائيلية بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطاته السياسية ابتداءً من عام 1961 وحتى عام 1972. ثم توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة، وبعد ذلك انضم بمنظمة التحرير الفلسطينية بعدما لجأ الى القاهرة .ومن ثم انتقل الى لبنان و عمل في الدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية واحتجاجاً على اتفاقية أوسلو قدم استقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير .
أعماله
- شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
- قام بتحرير مجلة الكرمل.
- عاش في بيروت من (سنة 1973 إلى سنة 1982) وعمل رئيسًا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية.
- أصبح مديرًا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1981 قبل أن يؤسس مجلة الكرمل .
- بيع أكثر من مليون نسخة من دواوينه العربية بحلول سنة 1977.
- بدأ الشاعر والفيلسوف اللبناني روبير غانم بنشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الأنوار والتي كان يترأس تحريرها .
- كان له نشاط أدبي واضح في الأردن فقد كان من أعضاء الشرف في نادي أسرة القلم الثقافي مع عدد من المثقفين أمثال مقبل مومني وسميح الشريف... وغيرهم.
اقتباسات و أقوال
- لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف؛ ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.
- الهوية هي ما نُوَرِّث لا ما نَرِث.
- لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة؛ ولكن يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلا بدين وحيد: صورهم في التلفزيون!
- في حضرة الموت لا نتشبَّث إلا بصحة أسمائنا.
- أريد قلبا طيّبا لا حشْوَ بُندقيّة.
- إن الموت يعشق فجأة مثلي , وإن الموت مثلي لا يحب الانتظار.
- الهوية هى فساد المرآة التي يجب أن نكسرها كلما أعجبتنا الصورة.
- أن نكون ودودين مع من يكرهوننا وقساة مع من يحبوننا، تلك هى دونية المتعالي وغطرسة الوضيع.
مؤلفاته
الكتب
- عاشق من فلسطين
- آخر الليل
- أحبك أو لا أحبك
- حبيبتي تنهض من نومها
- يوميات الحزن العادي
- محاولة رقم 7
- تلك صورتها وهذا انتحار العاشق
- حصار لمدائح البحر
- ورد أقل
- لماذا تركت الحصان وحيدا
- أثر الفراشة
- سرير الغريبة
- جدارية
- لا تعتذر عما فعلت
- كزهر اللوز أو أبعد
- في حضرة الغياب
- العصافير تموت في الجليل
القصائد
أنت منذ الآن غيرك
كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا... لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!
أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك!
أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع!
أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك!
أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟ وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف.
أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!
الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة!
تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟
لولا الحياء والظلام، لزرتُ غزة، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبي سفيان الجديد، ولا اسم النبي الجديد!
ولولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا!
أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!
مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة!
قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً.
هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته - أخيه: >الله أكبر< أنه كافر إذ يرى الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ بشريٍّ سويِّ التكوين؟
أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه. رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.
ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين.
وما دمنا لا نعرف الفرق بين الجامع والجامعة، لأنهما من جذر لغوي واحد، فما حاجتنا للدولة... ما دامت هي والأيام إلى مصير واحد؟.
لافتة كبيرة على باب نادٍ ليليٍّ: نرحب بالفلسطينيين العائدين من المعركة. الدخول مجاناً! وخمرتنا... لا تُسْكِر!.
لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة. لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة!.
>أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ<. هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام.
من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟ بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك!.
لا يغيظني الأصوليون، فهم مؤمنون على طريقتهم الخاصة. ولكن، يغيظني أنصارهم العلمانيون، وأَنصارهم الملحدون الذين لا يؤمنون إلاّ بدين وحيد: صورهم في التلفزيون!.
سألني: هل يدافع حارس جائع عن دارٍ سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟ قُلْتُ: لا يدافع!.
وسألني: هل أنا + أنا = اثنين؟ قلت: أنت وأنت أقلُّ من واحد!.
لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.
أنت، منذ الآن، غيرك!
أنا يوسف يا أبي
أَنا يُوسفٌ يَا أَبِي . يَا أَبِي إِخْوَتِي لاَ يُحِبُّونَني , لاَ يُرِدُونَني بَيْنَهُم يَا أَبِي .
يَعْتَدُونَ عَلَيَّ وَيَرْمُونَني بِل حَصَى وَالكَلاَمِ . يُرِدُونَني أَنْ أَمُوت لِكَيْ يمْدَحُونِي .
وَهُمْ أَوْصَدُوا بَاب َبَيْتِكَ دُونِي .
وَهُمْ طَرَدُونِي مِنَ الَحَقْلِ.
هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي .
وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي .
حَينَ مَرَّ النَّسيِمُ وَلاَعَبَ شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ . فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي .
الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتْفَيَّ , وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ , وَ الطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ .
فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي . وَلِمَاذَا أَنَا ؟
أَنْتْ سَمَّيْتَِني يُوسُفاً , وَهُوُ أَوْقَعُونِيَ فِي الجُبِّ , وَاتَّهَمُوا الذِّئْبَ ؛ وَ الذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي ...
أَبَتِ ! هَلْ جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَمَا قُلْتُ إِنِّي :
رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً , والشَّمْس والقَمَرَ ,
رَأّيْتُهُم لِي سَاجِدِينْ ؟؟
يحبّونني ميتاً
يُحبُّونَني مَيِّتاً لِيَقُولُوا : لَقَدْ كَان مِنَّا , وَكَانَ لَنَا .
سَمِعْتُ الخُطَى ذَاتَهَا , مُنْذُ عِشرينَ عَاماً تدقُّ عَلَى حَائِطِ اللَّيْلِ .
تَأتِي وَلاَ تَفْتَحُ البَابَ .
لَكِنَّهَا تَدْخُلُ الآن .
يَخْرُجُ مِنْهَا الثَّلاَثَةُ : شَاعِرٌ , قَاتِلٌ , قَارئٌ .
أَلاَ تَشْرَبُونَ نَبِيذاً ؟ سَأَلْتُ , سَنَشْرَبُ .
قَاُلوا . مَتَى تُطْلِقُونَ الرَّصاصَ عَلَيَّ ؟ سَأَلْتُ .
أجابوا : تَمَهَّلْ ! وَصفُّوا الكُؤُوسَ وَرَاحُوا يُغَنُّونَ لِلشَّعْبِ , قُلْتُ : مَتَى تَبْدَءونَ اغْتِيَالي ؟
فَقَالُوا : ابْتَدَأنَا ... لمَاذَا بَعَثْتَ إلَى الرُّوحِ أَحْذِيَةً ! كَيْ تَسيِرَ عَلَى الأَرْضِ , قُلْتُ .
فَقَالُوا : لِمَاذَا كَتَبْتَ القَصيِدَةَ بَيْضَاءَ والأَرْضُ سَوْدَاءُ جِدَّاً .
أَجَبْتُ : لأَنَّ ثَلاَثِينَ بَحْراًُ تَصُبُّ بِقَلْبِي .
فَقَالوا : لِمَاذا تُحُبُّ النَّبِيذَ الفَرَنْسِيّ ؟
قُلْتُ : لأَنِّي جَدِيرٌ بأَجْمَل امْرأَةٍ .
كَيْفَ تَطْلُبُ مَوْتَكَ ؟
أَزْرَق مِثْل نُجُومٍ تَسِيلُ مِنَ السَّقْف – هَلْ تَطْلُبُونَ المَزِيدَ مِنَ الخَمْر ؟
قَالوا : سَنَشْرَبُ .
قُلْتُ : سَأَسْأَلُكُمْ أَنْ تَكُونُوا بَطِئِين , أَنْ تَقْتُلُوني رُوَيْداً رُوَيْداً لأَكْتُبَ شعْراً ...
ليتَ الفتى حَجَرٌ
يا ليتني حَجَرُ ... أكُلَّما شَرَدَتْ عينانِ شرَّدنَي هذا السحابُ سحاباً كُلَّما خَمَشَتْ عصفورةٌ أُفقاً
فَتَّشْتُ عن وَثَنِ ؟ أكُلَّما لَمَعَتْ جيتارَةٌ
خَضَعتْ
روحي لمصرعها في رَغْوَةِ السُّفُنِ
أكُلَّما وَجَدَتْ أُنثى أُنوثتها
أضاءني البرقُ من خصري وأحرقني !
أكُلَّما ذَبُلَتْ خُبّيزَةٌ
وبكى طيرٌ على فننِ أصابني مَرَضٌ أو صِحْتُ : يا وطني ! أكُلَّما نَوَّرَ اللوزُ اشتعلتُ بِهِ وكلما احترقا
كنت الدخانَ ومنديلاً
تمزقني
ريحُ الشمال , ويمحو وجهيَ المَطَرُ ؟
ليت الفتى حَجَر يا ليتني حَجَرُ ...
مطار أثينا
مَطَارُ أَثِينَا يُوزِّعُنَا للِمْطَارَات .
قَالَ المُقَاتِلُ : أَيْنَ أُقَاتِلُ ؟
صَاحَتْ بِهِ حَامِلٌ : أَيْنَ أُهْديِكَ طِفْلَكَ ؟
قَالَ المُوَظَّفُ : مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟
أًجَبْنَا : مِنْ البَحْرِ .
قَالُوا : إِلَى أَيْنَ تَمْضُون ؟
قُلْنا : إلى البَحْرِ .
قَالُوا : و أَيْنَ عَنَاوِينُكُم ؟
قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جَمَاعَتِنا : بُقْجَتي قَريَتي .
في مَطَارِ أَثِينَا انْتَظَرْنَا سنِيناً .
تَزَوَّجَ شَابٌّ فَتَاةً وَلَمْ يَجِدَا غُرْفَةً لِلزَّوَاجِ السَّريعِ
تَسَائَلَ : أَيْنَ أَفُضُّ بَكَارتَهَا ؟ فَضَحِكْنَا وَقُلْنَا لَهُ : يَا فَتى , لاَ مَكَانَ لِهَذَا السُّؤالِ .
وَقَالَ المُحلِّل فِيناَ : يَمُوتُونَ مِنْ أَجلْ أَلاَّ يَمُوتُوا سَهْواً .
وَقَالَ الأَديِبْ : مُخَيَّمُنَا سَاقِِطٌ لاَ محَالة .
مَاذَا يُرِيدُون مِنَّا ؟
وَكَانَ مَطَارُ أَثِينَا يُغَيِّرُ سُكَّانَهُ كُلَّ يَوْمٍ .
وَنَحْنُ بَقِينَا مَقَاعِد فَوْفَ المَقَاعِدِ نَنْتَظِرُ البَحْرَ , كَمْ سَنةً يَا مَطَارَ أَثِينَا !
ليل يفيض من الجسد
ياسَمينُ على لَيْلِ تَمَوزَ , أُغْنيَّةٌ
لغَريبَيْنِ يلتقيانِ على شارع
لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ ..
مَنْ أَنا بعد عينين لُوزتَّينِ ؟
يقول الغريبْ
مَنْ أَنا بعد منفاكَ فيِّ ؟ تقَولُ الغريبْة
إذنْ , حسناً , فلنَكُنْ حَذِرَيْنِ لئلا نُحَرِّكَ مِلْحَ البحارِ القديمةِ في جَسَد يتذَكَّرُ ...
كانت تُعيدُ لها جَسَدَاً ساخناً , ويُعيدُ لها جَسَداً ساخناً ,
هكذا يترُكُ العاشِقانِ الغريبانِ حُبَّهما فَوْضَوِيَّاً,
كما يتركان ثيابَهما الداخليَّة بين زُهور الملاءات ...
إن كُنْتَ حقاً حبيبي , فأَلِّفْ
نشيدَ أَناشيدَ لي , واحفُرِ اسمي
على جذْع رُمُانة في حدائِقِ بابلَ
إن كُنْتِ حقاً تُحِبِّينَني , فَضعي
حُلُمي في يديَّ . وقولي لَهُ , لابنِ مريمَ ,
كيف فَعَلْتَ بنا ما فعلتَ بنفسِكَ ,
يا سيِّدي ؟ هل لدينا من العَدْل ما سوف
يكفي ليجعلنا عادلين غداً ؟
كيف أٌُشفى من الياسَمين غداً ؟
كيف أٌُشفى من الياسَمين غداً ؟
يُعْتِمانِ معاً في ظلالِ تشعُّ على
سقف غُرْفَتِهِ : لا تكُنْ مُعِتْماً
بَعْدَ نهديَّ – قالت له ...
قال : نهداكِ ليلٌ يُضيءُ الضروريَّ نهداكِ ليلٌ يُقَبِّلُني , وامتلأنا أَنا
والمكانُ بليلٍ يَفيضُ من الكأسِ ...
تَضْحَكُ من وَصْفِهِ , ثم تضحك أَكثَرَ
حين تُخَبِّئُ مُنْحَدَرَ الليل في يدها .. يا حبيبي لو كان لي
أَنْ أَكونَ صَبيَّاً ... لكُنْتُكَ أَنتَ ولو كان لي أَنْ أَكونَ فتاةً
لكنتُك أَنتِ ! ..
وتبكي , كعادتها , عند عَوْدَتِها
من سماءِ نبيذيّةِ اللون : خُذْني
إلى بَلَد ليس لي طائرٌ أَزرقٌ
فوق صَفْصَافِةِ يا غريبُ
وتبكي , لتَقْطَعَ غاباتِها في الرحيلِ
الطويل إلى ذاتها : مَنْ أَنا ؟
مَنْ أَنا بعد مَنْفاك في جسدي ؟
آهِ منِّي , ومنكَ ومن بلدي
مَنْ أَنا بعد عينين لوزتَّين ؟
أَرِيني غَدي ! ..
هكذا يتركُ العاشقانِ وداعَهُما
فَوْضَوِيَّاً, كرائحةِ الياسمين على ليل تمُّوزَ.
في كُلِّ تمُّوزَ يَحْملُني الياسمينُ إلى
شارع , لا يؤدِّي إلى هَدَفٍ ,
بَيْدَ أَني أُتابعُ أُغنيّتي ..
لحن غجري
شارعٌ واضحٌ
وَبِنْتْ
خَرجتْ تُشعلُ القمرْ
وبلادٌ بعيدةٌ
وبلادٌ بلا أثرْ .
حُلمٌ مالحُ
وصوتْ
يحفر الخصر في الحجرْ
اذهبي يا حبيبتي
فوق رمشي .. أو الوَتَرْ
قَمَرٌ جارحٌ
وصمتْ
يكسرُ الريح والمطرْ
يجعل النهرَ إبرةٌ
في يدٍ تنسج الشَجَرْ
حائطٌ سابحٌ
وبيتْ
يختفي كُلَّما ظَهَرْ
رُبَّما يقتلوننا
أو ينامون في الممّر ...
زَمَنٌ فاضحٌ
وموتْ
يشتهينا إذا عَبَرْ
انتهى الآن كُلُّ شيء
واقتربنا من النَهَرْ
انتهت رحلةُ الغَجَرْ
وتعبنا من السَفَرْ
شارعٌ واضحٌ
وبنتْ
خرجت تَلصق الصُوَرْ
فوق جدران جُثَّتي ..
وخيامي بعيدة
وخيامٌ بلا أثَرْ ...
درس من كاما سوطرا
بكأس الشراب المرصَّع باللازوردِ
انتظرْها ,
على بركة الماء حول المساء وزَهْر الكُولُونيا انتظرْها ,
بذَوْقِ الأمير الرفيع البديع
انتظرْها ,
بسبعِ وسائدَ مَحْشُوَّةٍ بالسحابِ الخفيفِ
انتظْرها ,
بنار البَخُور النسائِّي ملءَ المكانِ
انتظْرها ,
برائحة الصَّنْدَلِ الَّذكَريَّةِ حول ظُهُور الخيولِ
انتظْرها ,
ولا تتعجَّلْ , فإن أقبلَتْ بعد موعدها
فانتظْرها ,
وإن أقبلتْ قبل موعدها
فانتظْرها ,
ولا تُجفِل الطيرَ فوق جدائلها
وانتظْرها ,
لتجلس مرتاحةً كالحديقة في أَوْجِ زِينَتِها
وأَنتظْرها ,
لكي تتنفَّسَ هذا الهواء الغريبَ على قلبها
وانتظْرها ,
لترفع عن ساقها ثَوْبَها غيمةٌ غيمةٌ
وانتظْرها ,
وخُذْها إلى شرفة لترى قمراً غارقاً في الحليبِ
انتظْرها ,
وقَّدمْ لها الماءَ , قبل النبيذِ , ولا
تتطَّلعْ إلى تَوْأَمْي حَجَلٍ نائميْن على صدرها
وانتظْرها ,
ومُسَّ على مَهَل يَدَها عندما
تَضَعُ الكأسَ فوق الرخام
كأنَّكَ تحملُ عنها الندى
وانتظْرها ,
تحَّدثْ إليها كما يتحدَّثُ نايٌ
إلى وَتَرِ خائفٍ في الكمانِ
كأنكما شاهدانِ على ما يُعِدُّ غَدٌ لكما
وانتظْرها ,
ولَمِّع لها لَيْلَها خاتماً خاتماً
وانتظْرها ,
إلى أَن يقولَ لَكَ الليلُ :
لم يَبْقَ غيرُكُما في الوجودِ
فخُذْها , بِرِفْقٍ , إلى موتكَ المُشتْهَى
وانتظْرها ! ...
عندما يبتعد
للعدُوُّ الذي يشربُ الشايَ
في كوخنا فَرَسٌ في الدخَانِ
وبنْتٌ لها حاجبانِ كثيفانِ ,
عينانِ بُنيتان , وشَعَرُ طويلٌ كَلَيْلِ الأغاني على الكتِفْينِ .
وصورَتُها لا تفارقُهُ كُلَّما جاءنا يطلُبُ الشاي
لكنَّهُ لا يُحَدَثُنا عن مشاغلها في المساء , وعَنْ فَرَسٍ تَرَكَتْهُ الأَغاني على قمَّة التَلِّ .... في كوخنا يستريحُ العَدُوُّ من البُندقيّة ,
مثلما يفعَلُ الضيفُ . يغفو قليلاً على مقعد الخَيْزُرانِ , ويحنُو على فَرْوِ قطْتنا , ويقولُ لنا دائماً :
لا تلوموا الضحيَّة َ!
نسأَلُهُ : مضنْ هيَ ؟
فيقولُ : دَمٌ لا يُجَفِّفُهُ الليلُ ...
تلمعُ أَزرارُ سُتْرَتِهِ عندما يبتعدْ
عِمْ مساءً ! وسَلِّمْ على بئرنا
وعلى جِهَةِ التين . وامشِ الهُوَيْنَى على
ظلَّنا في حقول الشعير . وسَلِّمْ على سَرْونا في الأَعالي . ولا تَنْسَ بَوَّابةَ البيتِ مفتوحةً في الليالي . ولا تَنْسَ خَوْفَ الحصان من الطائراتِ
وسَلِّمْ علينا , هُنَاكَ إِذا اتَّسعَ الوقتُ ...
هذا الكلامُ الذي كان في وُدِّنا
أَن نَقولَ على الباب ... يَسْمَعُهُ جيِّداً جَيِّداً
ويُخَبِّئُهُ في السُّعال السريع
ويُلْقي به جانباً
فلماذا يزور الضحيَّة كُلَّ مساءٍ ؟
ويحفَظُ أَمثالنا مِثْلَنا ,
ويُعيدُ أَناشيدَنا ذاتها ,
عن مواعيدنا ذاتها في المكان المُقَدَّسِ ؟
لولا المسدسُ
لاختلطَ النايُ في النايِ ...
لن تنتهي الحربُ ما دامت الأرضُ فينا تدورُ على نفسها ! فلنَكُنْ طَيِّبين إِذا كان يسألُنا أَن نكونَ هنا طَيِّبينَ .
ويقرأُ شِعراً لطيّار " ييتْس" : أَنا لا
أُحبُّ الذينَ أُدافعُ عنهُم , كما أَنني لا أُعادي الَذينَ أُحاربُهمْ ...
ثم يخرجُ من كوخنا الخشبيِّ ,
ويمشي ثمانينَ متراً إلى
بيتنا الحجريِّ هناك على طَرَفِ السَّهْلِ ... سَلِّمْ على بيتنا يا غريبُ .
فناجينُ قهوتنا لا تزال على حالها , هل تَشُمُّ أَصابعَنَا فوقها ؟
هل تقولُ لبنتك ذات الجديلةِ والحاجبينِ الكثيفينِ إِنَّ لها صاحباً غائباً ,
يتمنَّى زيارَتَها , لا لِشيْءٍ ...
ولكنْ ليدخل مِرْآتَها ويرى سرَّهُ :
كيف كانت تُتَبَعُ من بعده عُمْرَهُ
بدلاً مِنه ؟ سَلِّمْ عليها
إِذا اتسَّعَ الوقتُ ...
هذا الكلامُ الذي كان في وُدِنِّا
تعاليم حُوريَّة
(1)
فَكَّرتُ يَوماً بالرحيل , فحطّ حَسُّونٌ على يدها ونام .
وكان يكفي أَن أُداعِبَ غُصْنَ داليَةٍ على عَجَلٍ ... لتُدْركَ أَنَّ كأس نبيذيَ امتلأتْ .
ويكفي أَن أنامَ مُبَكَّراً لَتَرى مناميَ واضحاً , فتطيلُ لَيْلَتَها لتحرسَهُ ... ويكفي أَن تجيء رسالةً منّي لتعرِف أَنْ عنواني تغّير , فوق قارِعَةِ السجون , وأَنْ أَيَّامي تُحوِّمُ حَوْلَها ... وحيالها
أُمِّي تَعُدُّ أَصابعي العشرينَ عن بُعْد .
تُمَشِّطُني بخُصْلَّة شعرها الذَهَبيّ
تبحثُ في ثيابي الداخلّيةِ عن نساءٍ أَجنبيَّاتٍ وَتَرْفُو جَوْريي المقطوعَ .
لم أَكَبْر على يَدِها كما شئنا : أَنا وَهي , افترقنا عند مُنحَدرِ الرَّخام ... ولوَّحت سُحُبً لنا , ولماعزِ يَرِثُ المَكَانَ .
وأَنْشَأَ المنفى لنا لغتين :
دارجةُ ... ليفهمَهَا
الحمامُ ويحفظَ الذكرى , وفُصْحى ...
كي أُفسِّرَ للظلال ظِلالَهَا !
(2)
ما زلتُ حيَّا في خِضَمَّكِ .
لم تَقُول الأُمُّ للوَلَدِ المريضِ مَرِضْتُ من قَمَرِ النحاس على خيامِ البْدوِ .
هل تتذكرين طريق هجرتنا إلى لبنانَ , حَيْثُ نسيتني ونسيتِ كيسَ الخُبْزِ [ كانَ الخبزُ قمحيَّاً ] ولم أَصرخْ لئلاّ أُوقظَ الحُرَّاسَ حَطَّتْني على كَتِفْيكِ رائحةُ الندى .
يا ظَبْيَةُ فَقَدَتْ هُناكَ كنَاسَها وغزالها ...
عَجَنْت بالحَبَقِ الظهيرةَ كُلَّها .
وَخَبَزْتِ للسُّمَّاقِ عُرْفَ الديك .
أَعرِفُ ما يُخَرَّبُ قلبَك المَثّقُوبَ بالطاووس , مُنْذُ طُرِدْتِ ثانيةً من الفردوس .
عالُنا تَغَيَّر كُّلَّهُ فتغيرتْ أَصواتُنا حتَى التحيَّةُ بَيننا وَقَعَتْ كزرِّ الثَوْبِ فوق قولي أَيَّ شيء لي لتَمنَحني الحياةُ دَلالَها .
هي أُختُ هاجَرَ أُختُها من أُمِّها .
تبكي مع النايات مَوْتى لم يموتوا
لا مقابر حول خيمتها لتعرف كيف تَنْفَتِحَ السماءُ ولا ترى الصحراءَ خلف أَصابعي لترى حديقَتَها على وَجْه السراب , فيركُض الزَّمَنُ القديمُ
بها إلى عَبَثٍ ضروريِّ : أَبوها طار مثل الشَرْكَسيِّ على حصان العُرسْ
(3)
أَمَّا أُمها فلقد أَعَدَّتْ , دون أن تبكي لِزَوْجَة
زَوْجِها حناءَها , وتفحَّصَتْ خلخالها ...
لا نلتقي إلاَّ وداعاً عند مُفْتَرَقِ الحديث .
تقول لي مثلاً : تزوجَّ أَيَّةَ امرأة مِنَ الغُرباء , أَجملُ من بنات الحيِّ , لكنْ لا تُصَدِّقْ أَيَّةَ امرأة سواي .
ولا تُصَدِّقْ ذكرياتِكَ دائماً .
لا تَحْتَرِقْ لتضيء أُمَّكَ , تلك مِهْنَتُها الجميلةُ.
لا تحنُّ إلى مواعيد الندى .
كُنْ واقعيَّاً كالسماء .
ولا تحنّ إلى عباءة جدِّكَ السوداء , أَو رَشَوَاتِ جدّتك الكثيرةِ وانطلِقْ كالمُهْرِ في الدنيا .
وكُنْ مَنْ أَنت حيثَ تكون .
واحَملْ عبء قلبِكَ وَحْدَهُ ...وارجع إذا اتسَعَتْ بلادُكَ للبلاد وغيَّرتْ أَحوالهَا ...
مزامير
يومَ كانتْ كلماتي
تربةً..
كنتُ صديقاً للسنابلْ
يومَ كانت كلماتي
غضباً..
كنتُ صديقاً للسلاسل
يوم كانت كلماتي
حجراً ..
كنتُ صديقاً للجداول
يومَ كانت كلماتي
ثورةً ..
كنتُ صديقاً للزلازل
يوم كانت كلماتي
حنظلاً..
كنتُ صديقَ المتفائل
حين صارت كلماتي
عسلاً ..
غطَّى الذباب
شفتيَّ ..
أسْرَجوا الخَيلَ
( 1 )
لا يَعرفون لماذ ا ولكِّنُهمْ أَسْرَجُوا الخيلَ في السهلِ
.. كان المكانُ مُعَدَّاً لِمَوْلِدِه : تلَّةً
من رياحين أَجداده تَتَلَفَّتُ شرقاً وغرباً
وزيتونهً قُرْبَ زيتونه في المَصاحف تُعْلي سُطُوح اللُغَةْ ...
ودخاناً من اللازَوَرْدِ يُؤَثِّثُ هذا النهارَ لمسْأَلةٍ
لا تخصُّ سِوى الله . آذارُ طفلُ
الشهور المُدَلَّلُ . آذارُ يُؤلِمُ خبيز لِفناء الكنسيةِ
آذارُ أَرضٌ لِلَيْلِ السنون , ولا مرآةٍ
تَسْتَعدُّ لصرخَتَها في البراري... وتمتدُّ في
شَجَرِ السنديانْ .
يُولَدُ الآنَ طفلٌ
وصرختُهُ ,
في شقوق المكانْ
اِفتَرقْنا على دَرَجِ البيت . كانوا يقولونَ:
في صرختي حَذَرٌ لا يُلائِمُ طَيْشَ النباتاتِ ,
في صرختي مَطَرٌ ؛ هل أَسأَتُ إِلى إخوتي
عندما قلتُ إني رأَيتُ ملائكةٌ يلعبون مع الذئب في باحة الدار ؟
لا أَتذكَّرُ
أَسماءَهُمْ . ولا أَتذكَّرُ أَيضاً طريقَتَهُمْ في
الكلام ... وفي خفِّة الطيرانْ
( 2 )
أَصدقائي يرفّون ليلاً , ولا يتركونْ
خَلْفَهُمْ أَثَراً . هل أَقولُ لأُمِّي الحقيقةَ :
لِي إخوةٌ آخرونْ
إخوةٌ يَضَعُونَ على شرفتي قمراً
إخوةٌ ينسجون بإبرتهم معطفَ الأُقحوانْ
أَسْرَجُوا الخيلَ
لا يعرفون لماذا ,
ولكنهم أَسرجوا الخيل في آخر الليلِ
سَبْعُ سنابلَ تكفي لمائدة الصَيْف .
أَبيض يَسْحَبُ الماءَ من بئرِهِ ويقولُ
لهُ : لا تجفَّ . ويأَخذني من يَدي
لأَرى كيف أكبُرُ كالفَرْفَحِينَة...
أَمشي على حافَّة البئر : لِيَ قَمَرانْ
واحدٌ في الأعالي
وآخرُ في الماء يسبَحُ ... لِي قمرانْ
واثَقيْن , كأسلافهِمْ , من صَوَابِ
الشرائع ... سَكُّوا حديدَ السيوفِ
محاريثَ . لن يُصْلِحَ السيوفِ ما
أفْسَدَ الصَّيْفُ – قالوا وصَلُّوا
طويلاً . وغَنّوا مدائحَهمْ للطبيعةِ ...
لكنهم أَسرجوا الخيل ,
كي يَرْقُصُوا رَقْصَةَ الخيلِ ,
في فضَّة الليل ...
تَجْرحُني غيمةٌ في يدي : لا
( 3 )
أُريدُ من الأَرض أَكثَرَ مِنْ
هذه الأَرضِ : رائحة الهالِ والقَشِّ
بين أَبي والحصانْ .
في يدي غيمةٌ جَرَحْتني . ولكنني
لا أُريدُ من الشمس أَكثَرَ
من حَبَّة البرتقال وأَكثرَ منْ
ذَهَبٍ سال من كلمات وعبارات الأذانْ
أَسْرَجُوا الخَيْلَ ,
لا يعرفون لماذا ,
ولكنهُمْ أسرجوا الخيل
في آخر الليل , وانتظروا
شَبَحاً طالعاً من شُقوق المكانْ ....
القتيل رقم 18
غابةُ الزيتون كانت مرةّ خضراءَ
كانت .. والسماءْ
غابةً زرقاء ..كانت يا حبيبي
ما الذي غيّرها هذا المساء ؟
أوقَفُوا سيارةَ العمال في منعطف الدربِ
وكانوا هادئين
وأدارونا إلى الشرق .. وكانوا هادئين
كان قلبي مَرّةً عصفورةً زرقاءَ .. يا عش حبيبي
ومناديلك عندي , كلها بيضاء , كانت يا حبيبي
ما الذي لطّخها هذا المساء ؟
أنا لا افهم شيئاً يا حبيبي !
أوقفوا سيارة العمّال في فمنتصف الدربِ
وكانوا هادئين
وأدارونا إلى الشرق .. وكانوا هادئين
لكَ مني كلُّ شيء
لكَ ظل لك ضوء
خاتم العرس , وما شئتَ
وحاكورة زيتون وتين
وسأتيكَ كما في كل ليلهْ
أدخل الشبّاكَ , في الحُلمِ, وأرمي لَكَ فُلَّه
لا تلمني إن تأخرتُ قليلاً
إنهم قد أوقفوني
غابة الزيتون كانت دائماً خضراء
كانت يا حبيبي
إن خمسين ضحيَّهْ
جعلتها في الغروب ..
بركةً حمراء .. خمسين ضحيَّهْ
يا حبيبي .. لا تلمني ..
قتلوني .. قتلوني
قتلوني ..
إلى أمي
أحنُّ إلى خبز أُمي
وقهوة أمي
ولمسة أُمي ..
وتكبُر في الطفولةُ
يوماً على صدر يومِ
وأعشَقُ عمرِي لأني
إذا مُتُّ,
أخجل من دمع أُمي !
خذينيِ إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدْبِكْ
وغطّي عظامي بعشب
تعمّد من طهر كعبك
وشُدي وثاقي ..
بخصلة شَعر..
بخيطٍ يلوِّح في ذيل ثوبك ..
عساني أصير ُإلهاً
إلهاً أصير..
إذا ما لمستُ قرارة قلبك !
ضعيني , إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدتُ الوقوفَ
بدون صلاة نهارك
هَرِمْتُ فردّي نجوم الطفولة
حتى أُشارك صغار العصافير
درب الرجوع .. لعُش انتظارِك!!
وفاته
بعد إجراءه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن توفي محمود درويش في 9 أغسطس 2008 في الولايات المتحدة الأمريكية .وقد تم تشييع جثمانه في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيثدفن في قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي قد خصصت له . وتم الإعلان أن القصر تمت تسميته "قصر محمود درويش للثقافة".