كم أنت عظيمة يا مصر، فأنت أم الدنيا، كيف لا ؟ وهي التي أنجبت الشعراء العظماء على مر السنين والعصور، فقد كانت ولا ولم يخطئ من قال عنكم أم الدنيا، كيف لا ؟ وهي التى أخرجت الكاتب والشاعر الآديب، أمثال : طه حسين وأحمد شوقي أمير الشعراء وغيرهم .
اليوم سوف نتحدث عن محمد حافظ بن إبراهيم، ابن محافظة أسيوط، ولد يوم 24 فبراير 1872، ولقد ولد حافظ إبراهيم على متن سفينة عانت راسيه على النيل في محافظة أسيوط، من أب مصري وأم من أصل تركي .
وبالحديث عن حياته صغيراً، فقد توفى والده وهو صغير، وأتت به أمه إلى مصر، وعاش تحت رعاية خاله، وبعد فتره تعلم الشاعر المحاماة، وكان معجب بالشاعر محمود سامي البارودي، الذي كان من شعراء مدرسة الديوان، وقد اشترك مع صديقه الشاعر أحمد العقاد في مدرسة الإحياء .
وبالحديث عن شخصية حافظ إبراهيم، فقد كان يتمتع بجزالة وبلاغة كبيرة، ولم يضعف فكره ولا سرعة بديهته خلال 60 عاما التي عاشها، وقد تمتع بروح المرح، وقد كان مبذر للمال، ومن المواقف التي تذكر، أنه قام باستئاجر قطار كامل بمفرده؛ حتى يقوم بنقله إلى حلوان .
ومن ألقاب الشاعر حافظ إبراهيم شاعر النيل وشاعر الشعب، ومن الأقوال الخالدة للشاعر حافظ إبراهيم، هي القصيدة التي قام بها برثاء مصطفى كامل التي دقت القلوب، ومن القصائد الخالدة أيضا قصيدة الامتيازات الأجنبية، والتي كتبها في مقاومة الاحتلال الإنجليز، الذي كان مستعمرا مصر وقتها، وقد سافر إلى دمشق، وزار المجمع العلمي في دمشق .
ومن أعماله أيضا، قصيدة على لسان صديقه يرثي والده :
ولدي، قد طال سهدي ونحيبي *** جئت أدعوك، فهل أنت مجيبي؟ جئت أروي بدموعي مضجعا *** فيه أودعت من الدنيا نصيبي
وأيضا قال في الصد عن اللغة العربية، وله عدة قصائد عنوانها : (سمَا الخطيبانِ في المعالِي)، (يا ساكِنَ البيتِ الزُّجاج)، (يا سَيِّدي وإِمامي)، (لي وَلَدٌ سَمَّيْتُهُ حافِظاً)، (أخي واللهِ قد مُلِىء الوِطابُ)، (أَخْرِقُ الدُّفَّ لو رَأيْتُ شَكِيبَا) وغيرهم، وعدد قصائده 67، وقد كتبت بالفصحى .
ومن الأقوال عن الشاعر من شعراء آخرين، فقد شهد له كلا من خليل مطران، الذي قال : "إنه يمزج الشعر بإحساس الناس، فيمتزج ذلك كله بشعوره وإحساسه، فيأتى منه القول المؤثر المتدفق بالشعور، الذي يحس كل مواطن أنه صدى لما في نفسه، وقد شهد له حافظ المحفوظ، والعقاد أيضاً، وأحمد شوقي وغيرهم، فكلهم قد أثنوا عليه وعلى شعره .
وبالحديث عن وفاته، فقد توفى حافظ إبراهيم في الخامسة من صباح يوم الخميس من عام 1932، وآخر يوم قبل وفاته كان برفقة أثنين من أصحابه، وكان يشعر بالمرض، وقد دفن حافظ إبراهيم في مقبرة السيدة نفيسة، وعند موت حافظ إبراهيم كان أحمد شوقي في الإسكندرية، وعندما علم شوقي بموت جافظ إبراهيم عن طريق سكرتيره الخاص، قام وقال أول بيت من مرثيته لحافظ : "قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء" .