إنّ التصميم يرتبط مع الإنسان منذ لحظاته الأولى فكل فرد منا بحاجة دائمة إلى أن يغير من طبيعة الأشياء المحيطة به، كأن يغير طبيعة أو مظهر الغرفة التي يسكن فيها من ناحية تأثيثها أو توزيع الموائد والأسرة وألوان الستائر...إلخ.
وهذه العملية أو الحاجة تبدأ من الداخل إلى الخارج أيضاً فشكل الغرفة كتعرف ما هو شكل الزي الذي يرتديه الإنسان فهو مهم جدا وهو يدل دائماً على ذائقة أو نمط تصميمي خاص بصاحبه، أختصر الأمر فأقول أن التصميم كفن يدخل في كل جزء من أجزاء حياتنا وهذه الحقيقة تتطلب منا ككل دراسة هذا الفن ومعرفة على الأقل مبادئه العامة وتاريخه والتطورات الخطيرة التي جرت عليه حديثاً، والمشكلة ان مجتمعنا بسبب عدم امتلاكه هذه الدراية بشكل واسع حول التصميم يعيش حاليا تحت وطأة خلط عجيب ولا حدود له تصميمياً فأغلب المصممين (ولا نقول الناس) يعانون من قلة درايتهم الأكاديمية وجل اعتمادهم مقتصراً على الحرفة والخبرات المتراكمة عملياً أثناء عملهم، لهذا السبب نجد أن أغلب التصاميم أما أن تكون متشابهة أو رديئة التنفيذ ولا تدل على جمالية ذات قيمة والحل برأيي هو أن ندرس هذا الفن ونتمعن فيه جيداً وقضية كهذه تتطلب توفر مصادر حديثة للإطلاع عليها، وهنا ستجابهنا مشكلة أخرى لعدم توفرها أصلاً!
أما د. أياد الحسيني فيقول أن الفن الحديث يؤدي في عالمنا المعاصر دوراً كبيراً ومؤثراً في المجتمع فهو جزء من ثقافتنا البصرية ابتداءً بالمطبوعات والملابس والأجهزة والبيوت وانتهاء بالمعلبات الغذائية والبضائع التجارية. وأود أن أشير هنا إلى ميزة مهمة لهذا الفن وهي أنه فن متجاوز للحدود ولم يعد يعرف في مكان بمعزل عن المكان الآخر.. ذلك لأنه صار فناً معبراً عن الذائقة والشخصية الإنسانيةالفردية والجمعية، وهنا بادرنا الدكتور اياد بسؤال عن مدى توفر إمكانية ظهور مدرسة عراقية متميزة في التصميم الحديث:
فأجابنا قائلاً: أن ظهور مثل هذه المدرسة يتطلب الكثير من الدراية والدراسة المعمقة لكل شخص معني بالتصميم، فضلاً عن الاهتمام بدراسة الأشكال والرموز والمعمار العراقي وعندما يتم الدمج بين هذين الشرطين يمكن لنا القول بعد فترة من التجارب والمحاولات الجادة المتواصلة القول بوجود مدرسة عراقية كهذه.
التصميم الطباعي وبعد أن أخذنا رأي المختصين الأكاديميين بقضية التصميم الحديث إرتأينا أخذ آراء بعض العاملين في مجال التصميم الطباعي وهو واحد من عشرات أنواع التصاميم الحديثة وهو يصلح كمثال لابراز أهمية وفائدة وخطورة دور هذا الفن الذي انتشرت تطبيقاته في العراق منذ سنوات قليلة وصار يشكل ظاهرة ثقافية بارزة، وقد ازدادت أهميته بصدور عدد كبير من الصحف والمطبوعات في السنوات الثلاث الماضية، ويعتبر دور المصمم الجيد فيها ضرورة لا غنى عنها على الإطلاق في توزيع وانتشار المطبوع.
المصــــــمم شهيد جابر الذي كان مشغولاً بالعمل على أحد برامج التصميم المشهورة وهو الكورال درو أجابنا قائلاً:
التـــــصميم باختصار هو وضع الشيء في مكانه المناسب وهي مهمة ليست بالسهلة، فلا يكفي ان يكون المصمم خبيراً بالعمل على هذا البرنامج أو ذاك إنما يجب عليه ان ينطوي على ثقافة ذوقية وفنية رفيعة وبدون هذه الثقافة بالطبع سوف لن يتمكن من تقديم شيء ذي قيمة مهما حاول.
وهنا قاطعنا حديث المصمم شهيد وقلنا له: لكن أين تضع المصمم العراقي ككفاءة ومهارة بين المصممين غير العراقيين خصوصا الذين يعملون في الصحف العربية المشهورة، قال: أنا أعتبر المصمم العراقي أكفأ منهم جميعاً وهذا الرأي ليس نابعا من مجاملة أو تحيز، إنتعرف على ما هى الحقيقة، فبالرغم من عدم توفر إمكانات تقنية عالية استطعنا التفوق وإنجاز تصاميم مبتكرة وذات قيمة فنية وجمالية عالية وقد امتلكنا بسبب كثرة محاولاتنا الجادة خبرة كبيرة في تجاوز الكثير من المعوقات.
وهنا استدرك شهيد قائلاً: وربما كانت هذه المعوقات هي السبب في وصولنا إلى هذه النتيجة المشرفة، أما المصمم (عبدالحسن كاظم 29 سنة) فقد أجاب عن سؤالنا حول آخر ما تم انتاجه من برامج متخصصة في مجال التصميم من حيث الإمكانات والأنواع فقال: فن التصميم يعد من أهم الفنون التي تمس كل شيء تقريبا من حولنا حاليا، والمشكلة بالنسبة لنا اننا لا نكاد نتمكن من الإمكانات التي لا حصر لها لبرنامج جديد معين حتى يأتي برنامج آخر أكثر تطوراً.. هكذا أصبحنا على صلة متواصلة مع آخر ما يستجد في العالم وإذا ما انقطعنا عن المتابعة فسرعان ما سنخسر الكثير من خلال علاقتنا التجارية مع من يأتي إلينا من أصحاب المطابع والتجار والمهندسين وغيرهم.
لهذا ليس أمامنا بعد الآن سوى الإستمرار والإستمرار فقط في تطوير ومتابعة قدراتنا ووسائلنا بالمقارنة مع كل المستجدات الحاصلة في العالم، أما عن رأيي الشخصي بالمصممين العراقيين فأقول أنهم اثبتوا قدرتهم العالية على الابتكار إلى الحد الذي تفوقوا به على الآخرين في الدول المجاورة الأخرى وبإمكاناتهم الذاتية فقط.