من صفات المؤمنين المتّقين أنهم يستشعرون الخشية و الخوف من الله تعالى في قلوبهم ، فهم يخشون الله تعالى في السّر و العلن ، و هم كذلك يخافون من اليوم الذي يردّون فيه إلى ربّ العالمين فيقفون أمام الله تعالى للحساب و المساءلة ، و تراهم في أعمالهم و أقوالهم يتحرّون ما يرضي الله تعالى و يتجنّبون ما يغضبه من الأعمال و الأقوال ، و إنّ الخوف من الله تعالى يتبدّى حين يقدم المسلم على ارتكاب ذنبٍ ، و حينئذٍ يتبيّن المسلم التّقي من المسلم ضعيف الإيمان ، فترى المسلم التّقي صاحب الإيمان القوي يتغلّب على شهوات نفسه و نزواتها و يستطيع قهر الشّيطان الذي يوسوس له بالسّوء ، ذلك لأنّه يملك سلاح الإيمان و التّقوى ، بينما ترى الإنسان ضعيف الإيمان يستسلم للمعاصي و الآثام ، فالخوف من الله تعالى و الخشية هي من صفات المؤمنين المتّقين ، و لا شكّ بأنّ الخشية من الله تعالى هي جزءٌ من الإيمان و الإيمان يزيد و ينقص كما أكّد على ذلك علماء العقيدة ، و لكن هناك عددٌ من الطّرق تساعد المؤمن على زيادة إيمانه و تقواه و من ثمّ زيادة خشيته من الله تعالى ، نذكر منها
أن يؤمن العبد المسلم بحقيقة أنّ الله سبحانه تعالى يراه و إن كان هو لا يراه ، و تلك هي درجة الإحسان ، و إنّ هذه الدّرجة إذا كانت في قلب المسلم ولّدت فيه خشيةً كبيرةً من خالقه ، فتراه حين يقدم على ارتكاب ذنبٍ أو معصيةٍ يستشعر نظر الله إليه حقيقةً في قلبه فيحجم عن المعصية و يستحيي من الله تعالى ، و إنّ هناك من النّاس من يستحيي من ملوكهم و كبرائهم أن يعملوا عملاً يغضبهم ، فما بالك بالله تعالى و هو ربّ العالمين سبحانه و له المثل الأعلى فهو أحقّ بالمراقبة و الخشية و الاستحياء .
أن يوطن المسلم نفسه على عمل الخيرات و التّقرب إلى الله تعالى بالمزيد من الطّاعات ، فالمسلم التّقي لا يكتفي بما فرضه الله تعالى عليه من الفرائض و إنّما يطمح في أداء النّوافل من صيامٍ و صلاةٍ و قراءة قرآن ، فكلّ تلك العبادات تزيد الخشية من الله في قلب المؤمن ، كما أنّ للذّكر و المناجاة لله في ظلمات الليل أثرٌ عجيبٌ في النّفس بما تولّده من خشيةٍ للرّحمن فتنهمر الدّموع و تخشع النّفوس و الأفئدة .