المغفرة
فتح الله سبحانه وتعالى لعباده التّائبين بابًا لا يغلق أبدًا هو باب التّوبة والاستغفار، وفي الحديث الشّريف (إنّ الله سبحانه وتعالى يبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل، ويبسط يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار). إنّ هذه الفرص الربانيّة هي رحمة من الله تعالى للإنسان بسبب ضعف إرادته وقلّة حيلته وافتقاره إلى ربّه جلّ وعلا، وفي حين ضلّت الأقوام السّابقة قبل مجيء الإسلام في الكيفيّة التي يستغفر فيها الإنسان عن ذنبه فمنهم من كانوا يقدّمون القرابين للآلهة، ومنهم من كانوا يتوسّلون بالصّالحين وغير ذلك من الأساليب الشّركيّة.
جاء الإسلام لينير للبشريّة طريقها وليبيّن لها المنهج الواضح في حياتها كلّها، ومن بين الأمور التي عالجتها الشّريعة الإسلاميّة مسألة اقتراف الذّنوب والمعاصي وكيفيّة التّوبة عنها والتّحلل منها، فمن أذنب ذنبًا في حقّ الله تعالى عليه أن يسارع إلى الوقوف بين يدي الله تعالى ليستغفر عنه ذنبه ويتوب عنه توبةً نصوحة صادقة، والتّوبة النّصوح هي التي تشتمل على ثلاثة شروط أوّلها: الإقلاع عن الذّنب، والنّدم على اقترافه مع النّية في عدم العودة إليه، فإذا تحقّقت تلك الشّروط كانت توبة العبد صادقة مع ربّه، وإذا كان ذنبه في حقّ العباد كمن أخذ مال أخيه بغير وجه حق عليه أن يتحلّل من ذنبه بإرجاع الحقوق إلى أصحابها، ويتساءل عددٌ من المسلمين بقوله كيف أطلب التّوبة من الله، والحقيقة أنّ طلب التّوبة يتطلّب عدّة أمور.
كيفيّة طلب المغفرة من الله
- إخلاص النّية مع الله تعالى مع سلامة القلب، فمن أراد أن يستغفر من ذنبه عليه أن يصحّح عقيدته مع ربّه جلّ وعلا بإخلاص النّية وسلامة القلب وإدراك أنّ الله تعالى وحده هو من يغفر الذّنب ويقبل التّوبة من عباده، وما قول المسلم لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك إلا تعبيرًا من المسلم عن صدق التّوجه نحو ربّ العزّة في طلب المغفرة .
- الوقوف بين يدي الله تعالى والابتهال إليه مع حضور القلب؛ فالمسلم ينبغي أن يكون حاضر القلب وهو يقف بين يدي ربّه ليدعوه، وفي الحديث (إنّ الله لا يستجيب من قلبٍ غافل لاهٍ)، كما ينبغي أن يدعو المسلم وهو موقن بإجابة ربّه لدعائه، وأن يستهل دعاءه بذكر أحبّ الأسماء إلى الله ومنها الأسماء الحسنى واسم الله الأعظم، وأن يحرص المسلم وهو بين يدي ربّه أن يكون طاهر الجسد متوضّئاً، وأن يعلم أنّ رحمة الله قريبة من المحسنين، قال تعالى (وقال ربّكم ادعوني استجب لكم )، صدق الله العظيم .