إنّ الوقت في هذه الأيام هو أحد الأمور الحساسة في حياة الناس، فنرى كل شخص في هذه الأيام يرتبط بعدة أمور كالعمل والأصدقاء والعائلة، مع الإضافة لوجود العديد من الأمور التي تعمل على إلهاء الناس عمّا يهم بالفعل كالتلفاز والألعاب الرقمية ومواقع التواصل الإجتماعي وغيرها العديد.
وإن قمت بسؤال أي شخصٍ ناجحٍ عن أسرار نجاحه فأن تدبير الوقت ( أو ما أحب تسميته بفن إدارة الوقت) ستكون من أولى الأمور التي تي سيقول بأنها ساهمت بشكل كبير في نجاحه، ولا أظن أنّ أحداً منّا قد كبر ولم يسمع بالحكمة التي تقول أنّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
وبما أننا نتحدث عن فن إدارة وتدبير الوقت فليس هنالك احسن وأفضل من بعض الأقوال التي نطقت بها أفواه بعضٍ من العظماء الذين نجحوا في تدبير وقتهم والوصول إلى ما يبتغون، فنبدأ بخير المرسلين سيدنا محمدٍ عليه احسن وأفضل الصلاة وأتم التسليم فعن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم:" لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيمَ أفناه؟ وعن شبابه، فيم أبلاه؟ وعن ماله، من أين؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه، ماذا عمل فيه؟".
ونرى عليّ بن أبي طالب يصف حال النبي صلى اللّه عليه وسلم في تدبره لوقته بقوله:"كان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءٌ للّه، وجزءٌ لأهله، وجزءٌ لنفسه، ثم جزّء جزأه بينه وبين الناس، فيردُّ ذلك بالخاصة على العامة".
وكما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حثه على استغلال الوقت:" إذا كان الشغل مجهدة فإنّ الفراغ مفسدة"،وهو ما أكد عليه سيدنا عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه في قوله:" إنّي لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شيءٍ من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
ويقول ستيف جوبز:" كنت أملك أكثر من مليون دولار عندما كان عمري 23 عاماً، و 10 ملايين عندما كان عمري 24 عاماً، و 100 مليون عندما كان عمري 25 عاماًَ، لكن لم يكن لذلك أي أهمية وفائدة لأنني لم أكن أفعلها من أجل المال"، فنرى هنا إدراك ستيف جوبز لأهمية وفائدة الوقت واستغلاله له فلولا ذلك ما كان ليصنع ما صنع خلال هذه الأوقات القصيرة.
ونرى نابليون يقدر أهمية وفائدة الوقت بشكل كبير جداً حيث قال:" إن سبب انتصاري على أعدائي معرفتي لقيمة الدقائق الخمس".
وإنّ الأقوال والحكم التي تتحدث عن إدارة الوقت لا حصر لها وهي احسن وأفضل معلمٍ لفن إدارةالوقت، فهي أقوال مبنيّة على تجارب وخبرات من نجحوا بذلك، ولكنني سأذكر أيضاً بعض النصائح التي تساعد على تدبير الوقت:
1. إنّ من المهم قبل التفكير في إدارة الوقت أو طريقة إتقان هذا الفن هو القدرة على ضبط النفس فمن لا يستطيع أن يضبط نفسه لن يستطيع تدبير وقته حتى لو وضع الخطط المثالية لذلك، لأنّه سيقوم بإهدار وقته في كل أمرٍ يراه أمام ناظريه.
2. إنّ وضع أهداف بشكل شهري أو سنوي أو أهداف على مدى الحياة هي من الأمور التي تساعد على ترتيب الأولويات ومعرفة الأمور الأكثر أهمية وفائدة بالنسبة لك.
3. إنّ التخطيط المسبق هو أحد أهم الأسلحة التي تعين على إدارة الوقت، ومن الطرق ووسائل الأكثر شهرة للقيام بذلك هي كتابة لائحة بالأمور المهمة التي عليك فعلها وتخصيص الوقت اللازم لها، وللقيام بذلك فمن الممكن تخصيص نصف ساعةٍ أسبوعياً لترتيب أولوياتك وكتابتها على دفتر خاص، ويجب عدم الإنشغال عمّا تخطط له إلا في حال طرء أمرٌ أكثر أهمية.
4. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، هذه المقولة هي من المقولات الأكثر شهرة والأكثر فعالية في تدبير الوقت.
5. عليك انتهاز أكثر الأوقات التي تكون فيها نشيطاً خلال اليوم وهي تختلف من شخصٍ لآخر فالبعض يفضلون العمل أثناء الصباح بينما يفضل البعض الآخر العمل في المساء.
6.عليك تخصيص بعض من الوقت من أجل المتعة والمرح فإنّها تساعدك على إعادة النشاط والتركيز مجدداً في الأمور المهمة بالنسبة لك.
6. إنّ تخصيص الوقت المناسب للنوم والذي يختلف من شخص لآخر يساعد على البقاء متيقظاً والتفكير والعمل بشكلٍ أكثر فعالية.
وأختم هنا بقول الحسن البصري رحمه اللّه:" ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".