إستلم طارق راتبه الشّهري الذي ينتظره كل شهر بفارغ الصبر ، ذهب سريعاً إلى البيت بعد أخذ مغادرةٍ من العمل ، الإبتسامة باديةٌ على وجهه ، إتصل بزوجته وقال لها أعدّي نفسك والأولاد للخروج الى التسوّق مساءً، إستقلّ وأهله سيارتهم وخرجوا إلى سوق المدينة ، لم يترك طارق شيئاً يحتاجه البيت إلاّ وأحضره بل إنّه وكل ما وجد عرضاً جيداً اشترى المنتج بدون أن تكون له حاجة ماسّة إليه ، عندما انتهى من تسوقه وتناولوا طعام العشاء إستقلّ سيّارته ورجع إلى البيت ، تفقّد محفظته وإذا به يتفاجأ من المبلغ الذي تبقّى حتى إذا حان آخر الشّهر وجد طارق نفسه في ضيقٍ شديدٍ وأهله يطلبون منه تلبية حاجاتهم ولا يستطيع فاضطر رغماً عنه إلى مراجعة أحد أقربائه لإستدانة مبلغ من المال ، قصة طارق هي صورةٌ من صور عدم التدبير التي تتكرّر في مجتمعاتنا كثيراً ، فنحن نعيش في بيئاتٍ أغلب النّاس فيها دخلهم محدود وهذا يتطلب منهم تدبيرٌ وتعقّل في طريقة الصّرف على معاشهم وأن لا يكون إنفاقهم عشوائياً بل أن يكون وفق رؤيةٍ ومنهجٍ واضح حتى لا يضطروا راغمين لللجوء للإستدانة .
ومن الأساليب التي تتّبع في هذه الحالات هي أن يضع الإنسان جدولاً يوضّح فيه إحتياجاته اليوميّة الأساسيّة وإحتياجاته الكماليّة غير الأساسية وأن يخطّط لوضع الكميّات التقريبيّة لكل مادّة من حاجيّاته ومستلزمات بيته فهناك من المواد مثلاً ما لا يستغني عنه بيت كالأرز والسّكر والحليب وغيرها من المواد الأساسيّة فهي تعطى الأولويّة دائماً عند الإنفاق ، تأتي بعدها الحاجات متوسطة الأهميّة وهي كثيرة ثم تأتي الكماليّات التي يجب أن لا تُعطى أولويّة في الإنفاق بل ينفق لشرائها عند وجود فائضٍ في راتب الشهر ، ويفضّل إذا كان الراتب محدوداً أن يُجعل هذا الفائض لأوقات الحاجة والأمور الطارئة فقد يصيب أحد افراد العائلة مرضاً – لا قدّر الله – فيحتاجون إلى المال حاجة ماسّة ، فتدبّر مصروف البيت ليس بالأمر الصعب ولكنه يحتاج إلى تخطيطٍ وحسن تبصّر وحكمة ، وعلى ربّ الأسرة في وقتنا الحاضر ونحن نرى انتشار الأسواق ومغرياتها أن لا ينجرّ إليها وينساق على حساب نفسه وتدبرّ أموره .