في البداية ، سأتكلّم عن سعد باشا زغلول قبل التطرق ووسائل إلى أقواله في الحرية ، سعد باشا زغلول هو زعيم مصري وسياسيٌ مخضرم ، استلم رئاسة الوزراء في الفترة الواقعة بين السادس والعشرين من يناير من العام 1924 م حتى الرابع والعشرين من نوفمبر من نفس العام ، من مواليد ( إبيانة ) في محافظة الغربية من الدلتا ، وكان قائدا لحزب الوفد المصري ( حزب القوى الوطنيّة ) في مصر ، قام البريطانيون باعتقاله لإضعاف حركة المقاومة في مصر ، ويعتبر زغلول من مؤسسي ( الليبرالية ) في مصر .
كان سعد باشا زغلول محرّكاً لثورة ( المصريين ) أو ( الثورة الأولى ) أو ثورة عام 1919 م ، حيث امتدت تلك الثورة الى جميع أنحاء مصر وشاركت بها جميع ألوان وأطياف الشعب المصري ، وما ميز تلك الثورة المشاركة النسائية للمرة الأولى بها بقيادة ( صفية زغلول ) زوجة سعد باشا زغلول ، وأسفرت تلك الثورة بعد ثلاثة أعوام من نشوبها إلى منح مصر إستقلالها ، والغاء الأحكام العرفية فيها شريطة أن تبقى القوات البريطانية على أرضها ، وهذا بالفعل ما كان .
من أهم الإضاءات التي كانت اتّخذت كشعارات من أقوال الزعيم الكبير سعد باشا زغلول قوله :- " الحق فوق القوة ، و الأمة فوق الحكومة " ، ليؤكد للجميع رسالة الحرية والتي تهدف لحرية شعب ناضل من أجلها للتحرر من الظلم والإستعمار . ومن الحريات التي ناضل زغلول من أجلها حرية المرأة وتحريرها من الإضطهاد والإستعباد والظلم حيث قال بشأن هذا الأمر :- " انني من انصار تحرير المرأة ، ومن المقتنعين بهذا الأمر ، لأنه بغير تحرير المرأة لن نتوصل لبلوغ غاياتنا في التحرر " ، آمن الزعيم بحرية المرأة ونيلها حقوقها بصفتها نصف المجتمع ، وإن أهمل هذا النصف فستكون النتيجة حدوث شرخ في قضية مجتمع يسعى للتحرر ، وعند إصدار قاسم أمين كتابه "" تحرير المرأة " ، قوبل بموجة من الإعتراضات والنقد جعلته ينزوي خوفاً وحزناً ، غير أن سعد زغلول قام بتشجيعه على هذا الأمر وتقديم الدعم له وحمايته .
" نحن لسنا أوصياء على الأمة ، بل وكلاء لها " ، يؤكد على أن دفاعه عن تلك الأمة هو فرض ملزم عليه العمل به للوصول الى حرية هذه الأمة من كل ما يعرضها للخطر باعتباره فرداُ من هذه الأمة . " نحن نحب الحرية ، ولكن نحب أكثر منها أن تستعمل في موضعها " . إيمانا من الزعيم بأن للحرية قوانين وضوابط تحكمها ، ومن رأيي بأنه يعني حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين . " إنّ اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية " ، كم تناقلنا في أيّامنا هذه العبارة ، ولكن مع الأسف لم نعمل بها ، فالصراعات هذه الأيام أساسها فرض الرأي على الآخرين ، وأصبحت معاناة الفرد والمجتمع ككل ، فكل شخصٍ أو جماعة يريد بأن يفرض رأيه لو كلفه هذا الأمر إيذاء الآخرين . " الرجل بصراحته في القول ، وإخلاصه في العمل " ، توقفت كثيرا عند هذه المقولة ، لأستنتج بأننا نفتقر لمعشر الرّجال في أوطاننا ، فقد أصبح شعار الرجال في أيامنا " الكذب ملح الرجال " ، فأين هو الصدق والإخلاص ، ( لا زال البحث جارياً عن تلك العينة من الرجال ) !
وفي الختام ، لن تكفي هذه المساحة لأطرح حكما ورثنا إياها الكبير سعد باشا زغلول ، ولكني سلطت الضوء على قطرات من بحر أقواله وحكمه والتي نتناقلها في أيّامنا العادية دون أن نعلم بأن صاحب تلك الأقوال هو سعد باشا زغلول ، فسلاماً إلى روحه العظيمة ، وأنحني إجلالاً لرسالته التي ناضل من أجلها ، ألا وهي الحرية بجميع أشكالها .