يتحكم في الإنسان دائماً عدد كبير من الأفكار التي تحرك عواطفه ومشاعره وهواجسه، فتبني لديه غالب الأفعال كردود فعل من العقل عن طريق تلك الأفكار التي تدور في العقل، وعيب تلك الأفكار هي أن تصبح وسواسًا يسيطر على الإنسان ويتحكم فيه غالب الوقت، ومنشأ الأفكار هي سيطرة اللغة ونوع الكلمات وعبارات المستخدمة في التعبير عن الأشياء المادية والمعنوية في الحياة، فالشخص الذي يستخدم كلمات وعبارات مهذبة تكون أقل حدة تجعل من تلك الأفكار اجمل وافضل وبزاوية إيجابية تساعد الإنسان على تجاوز المشاكل وعيوب التي يمر بها، أما الأشخاص الذين تتميز غالب كلماتهم بالحدة والقوة تميل دائما أفكارهم إلى السلبية المفرطة التي تجعله شكاكا في كل من حوله، يطعن الجميع في أعراضهم في عقله، وهي أفكار ناتجة عن إستخدامه للفظات حادة جداً في التعبير عن تلك التصرفات.
في علم النفس الفردي يقول العالم أدلر بأن أغلب الأشخاص الذين يعانون من مشاكل وعيوب في نفوسهم، بحيث دائما ترغب بالشر والفشل، تكون لديهم مشكلة كبيرة في التعامل مع المجتمع، وذلك لاستخدامهم ألفاظ حادة جداً في التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم أو احتياجاتهم مع الآخرين، فذلك يصنع ردة فعل خاطئة من الجسد والعقل عند القيام بذلك، ولذلك يتفق علماء النفس الفردي أن الطريقة الأسلم والأسرع في تجاوز المشاعر السلبية والأفكار السلبية التي تدفع إلى الفشل والتفكير بالشر المطلق هي الصيام عن الكلام لفترة من الزمن قبل البدء في التخطيط أو تنفيذ الأفكار، وهذا الأمر يمكن عن طريق العمل على ايقاف استخدام جميع اللفظات سواء المكتوبة أو المنطوقة لفترة ثلاثة أيام كحد أدني، وهذا الأمر يعمل على تدمير تلك الأفكار ويحول قدرة المراكز العصبية المتخصصة في التفكير إلى تغيير المنهج، وهذا بسبب أن العقل يبدأ بالتركيز على أنه لا يستطيع التعبير عن شيء وأنه مقيد داخل عقله فقط، مما يضطره إلى التعامل مع عقله والحديث إليه، ومن المستحيل أن يضع الإنسان أفكار سلبية عن نفسه داخل نفسه؛ لأنه لا يحتاج إلى التبرير أو التحطيم أو الهرب من المواجهة، فلا أحد سيلومه لو تحدى ما سيحدث في عقله، فإن نجح فإنه سيعمل على كسر القيد في الدماغ والعقل، والذي يدفع العقل إلى التوهم بالأفكار السلبية التي تعمل على تغيير منهجية سيره السليمة والطبيعية.
مسألة الصوم عن الكلام ثلاثة أيام من المسائل التي حض القرآن عليها كثيراً قبل علم النفس الفردي، فكما نلاحظ في قصة سيدنا زكريا عندما طلب من الله الذرية وأتاه الصبي على كبر فأراد من الله آية على ذلك، فطلب منه الصيام عن الكلام لثلاثة أيام، وذلك ليتمكن من تخليص عقله وفكره من الأفكار السلبية عن ظنون الناس، وعن الأمر الذي ستذهب الناس إلى الحديث عنه بعد معرفتهم بأن زوجته ستنجب بعد هذا العمر الطويل، فكانت لتطهير الدماغ من كل شر، وهي طريقة جميلة وممتازة للتخلص من الإكتئاب وكل ما يطرأ على النفس من مشاكل.
ختاماً الانتهاء والتخلص من الأفكار السلبية يتجاوز الواجب على الجميع؛ لأن تلك الأفكار تخضع الإنسان وتدمر حياته، ومن باب أولى أن يتخلص منها دورياً.