خلق الله الانسان في أبهى حلة له ، وامره باتباع الدين على أكمل وجه ، حتى يستحق أن يكون من البشر الذين يدخلون الجنة ، وينعمون بنعيمها ، وفي الوقت الذي كان العالم منشغل بالتقدم والتطور ، كان الاسلام ينادي بالمسامحة ، والتعاون من أجل انجاح المجتمع ، وعدم تأكل جبهاته ، وفي هذا الوقت فإن الدين شرع الزكاة ، وجعلها فرض من فروضه على عباده . قال تعالى : " يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ".
رتبت الآيتان الكريمتان الوعيد الشديد على كنز الذهب وعدم انفاقه في سبيل الله ، وكان المراد من ذلك عدم الاستخدام ، وكان الأمر الذي تحدثت عنه الآيات هو تكديس الأموال ، وكنزها ، وكانت أولى الما هى اسباب التي أدت إلى تحريم الكنز ، هي أن في ذلك ايذاء للفقراء ، وعدم الشعور والرأفة بحالهم ، وهذا ضد مبادئ الاسلام ، وضد مبادئ الدين الاسلامي ، وقد نادى الدين بضرورة التعامل بشكل جدي مع مشكلة الأفراد الذين تقطعت بهم السبل ، فلم يجدوا المال الذين يحتاجونه من أجل متابعة حياتهم بشكل يليق بأدميتهم ، وقد نادى الدين بضرورة التقيد بتعاليم الاسلام ، والتعلم منه السماحة والأخلاق الطبية ، التي تدعو إلى مساعدة الأفراد من خلال الزكاة التي فرضها الاسلام .
موضوعنا سيدور عن زكاة الذهب ومقدارها ، وهي ما سنتعرف عليه بشكل أكبر ، فالذهب المراد بالزكاة ، هو الذهب الذي يعرض من أجل البيع والشراء ، أو من أجل الاتجار ، وفي هذه الحالة ، كان لا بد من توافر هذه الصفات به ، حتى يجوز أن يقام عليه حد الزكاة ، أو فريضة الزكاة ، أما الذهب المكدس عند المرأة بهدف التباهي ، والتجمل به ، فقد ذهب رأي العلماء إلى عدم ضرورة أخراج الزكاة عليه ، لأنه لا فائدة مرجوة منه غير الزينة ، وهذا الرأي كان رأي الشافعية الذين أباحوا للمرأة أن تتزين بالقدر الذي تريد ، ما دام هذا هو الهدف منه .
أما إذا قصد من حلي المرأة الكنز والإدخار وبلغ حد الإسراف فوجبت عليه الزكاة ، لما رواه أبو داود أن امرأة من اليمن أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها : " أتقضين زكاة هذا ؟ ، فقالت : لا ، فقال لها : أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ، فخلعتهما وألقتهما الى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت : هما لله ولرسوله " .