الزكاة في اللغة هي الطهارة والبركة والنماء، واصطلاحاً هي عبادة الله بإخراج جزء واجب شرعاً في مالٍ معيَّن لطائفةٍ أو جهة مخصوصة، أما زكاة الفطر فتُعرَّف اصطلاحاً بأنها صدقةٌ مقدَّرة على كل مسلم قبل صلاة عيد الفطر في مصارف معينة. وسُمِّيت بزكاة الفطر لأن الفطر سبب وجودها، فهي تُخرَج بعد آخر يوم في رمضان، أي بداية عيد الفطر السعيد. وقد فُرِضت زكاة الفطر أو صدقة الفطر – وكلا الإسمين صحيح – في اليوم الثامن والعشرون من شهر رمضان المبارك للسنة الثانية للهجرة، وهي نفس السنة التي فُرِض فيها الصيام على المسلمين. وحكمها هو الوجوب على كل مسلم لديه قوت يومه وقوت من يُعيلهم وقوت أول أيام العيد، ويتم دفعها للمحتاجين لها قبل صلاة العيد، ومقدارها صاع من التمر أو البُر أو الشعير.
تختلف زكاة الفطر عن الأنواع الأخرى للزكاة؛ بأنها ليست مفروضة على الأموال، بل هي مفروضة على الأشخاص، فمقدار الزكاة صاع من تمر أو برٍّ أو شعير، يتم إخراجه من قِبلِ المُقتدرين عن جميع أفراد عائلتهم، فلا تُدفع بناءاً على كمية المال أو الماشية التي يمتلكها. ويقوم ربُّ الأسرة بإخراج الزكاة عن نفسه وزوجته حتى وإن كانت ذات مال لأنه هو المُعيلُ لها، وعن أبنائه الذين لا يعملون ولا يستطيعون أن يدفعوها، وعن البنت أو البنات الواتي عنده، فلا يُخرج زكاة الفطر عن بنتٍ له متزوِّجة، وإن كان له ولدٌ مُقتدر فلا يُخرج عنه، بل الولد مُلزمٌ بإخراجها عن نفسه، وذلك كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (أدُّوا الفطر عمَّن تعولون). ويُستحبُّ إخراجها عن الجنين الذي لم يولد بعد، ويجب إخراجها في وقتها، أما إن أخرجها بعد صلاة العيد فلا تعتبر زكاة فطر، بل تُعتبر صدقة من الصدقات.
وقد فُرِضت زكاة الفطر طهرة للصائم، فقد يكون في خلال شهر رمضان المبارك قد قام بأخطاءٍ يحتاج إلى التطهُّرِ منها مثل اللغو والتلفُّظ بالكلام الفاحش أو الشتم أو عدم غض البصر عن المحرَّمات، فهذه الصدقة تطهِّره من هذه الأمور ليكون صيامه كاملاً بإذن الله، فيمكن النظر إلى زكاة على أنها مثل سجود السهو في الصلاة، فهي تكمِّل ما كان ناقِصاً. وكذلك إطعامٌ للمساكين الذين لا يجدون قوتَ يومهم، حتى يشعروا بفرحة العيد وبهجته مثل سائر الناس. كما أنها تطهِّر النفوس وتعتبر من شكر الله على نِعَمه التي حبانا إياها.
في عصرنا الحالي؛ لم يعد الناس يتعاملون بالشعير والبر والتمر، بل أصبحوا بتعاملون بالمال ليشتروا ما يحتاجون إليه، وقد أباح العلماء إخراج زكاة الفطر نقداً وإعطاؤها للمحتاجين، لأنهم لن يستفيدوا من الزكاة العينية في شراء ملابس جديدة على سبيل المثال، بل إنهم قد يضطرون إلى بيعها بأقل من ثمنها الحقيقي للحصول على المال، ناهيك عن قيامه بالتجوُّل في الأحياء والشوارع بحثاً عمَّن يشتري منه، وقد لا يجد من يشتري منه أصلاً، والأصل في الدين التيسير على العباد، فمن هُنا جاءت الفتوى بجواز دفع زكاة الفطر نقداً؛ مع الأخذ بعين الإعتبار الموعد المخصص لذلك.
