لكل دين مبادئ وأسس يبنى عليها؛ لتكون هذه المبادئ هي الركائز المتينة التي تحمل عبء الدين وتقوم به بشكل ثابت لا يعتريه أي خلل، فالدين الإسلامي بني على خمسة مبادئ عظيمة شكّلت مع بعضها البعض ركائز قويّة أدت إلى استمرارية هذا الدين أربعة عشر قرناً؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً".رواه البخاري ومسلم.
اللبنة الثالثة لهذا الدين هي وجوب آداء الزكاة؛ والزكاة بشكل عام وهو ما يجب دفعه مقابل استحقاق معين ووفق شروط معينة وفي أوقات معينة لأشخاص معيّنين تختلف باختلاف نوع الزكاة، فهناك زكاة المال وزكاة الذهب وزكاة الماشية وزكاة المحاصيل وزكاة الفطر، وأحد أنواع هذه الزكاة الواجبة على المسلمين هي زكاة الفطر.
فرضت زكاة الفطر في الثامن والعشرين من رمضان في السنة الثانية للهجرة النبوية، وهي تجب على كل مسلم ومسلمة سواءً كان حراً ام عبداً؛ كما جاء في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكراً أو أنثى من المسلمين". رواه البخاري ومسلم.
أمّا الحكمة من فرض زكاة الفطر فقد اختصرها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلاة في بضع كلمات وعبارات فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " فرض رسول اللهصلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين..."، فالغاية منها تخليص الصائم مما قد يكون قد لحق بصيامه من نقص أو إثم أو لغو أو رفث فبالزكاة يجبر ذلك كله، والهدف الثاني هو إطعام المساكين والفقراء والمحتاجين من المسلمين وهم أهل زكاة الفطر اللذين تدفع لهم الزكاة وادخال الفرحة عليهم مع دخول العيد فتتحقق بذلك حكمة الزكاة عموماً وهي التكافل الإجتماعي وتحقيق المشاركة المجتمعية الفاعلة بين أبناء المجتمع الواحد.
تدفع زكاة الفطر إلى أهلها في مدة أقلها قبل يوم العيد بيوم واحد أو اثنين أو اقصاها وقت صلاة العيد أمّا ما زاد عن ذلك فإنها لا تعتبر زكاة فطر إنما صدقة تطوع، ومقدارها كما حدّدها الرسول صلّى الله عليه وسلّم في أحاديثه صاع نبوي (2.5 كغ تقريباً) من طعام أهل البلد فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "كنّا نخرج يوم الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر ". أخرجه البخاري