علماء العرب
زخر التاريخ العربي بعظماء، وفلاسفة، وشعراء، وأدباء، سطّروا مجد العرب بحروف من ذهب نقشت على جدران الماضي ووصلت إلينا محمّلة بعبقريّة تنحني أمامها الهامات وتروي لنا قصص أقرب الى الأساطير والروايات في تلك الأعمال العظيمة التي قام بها علماء عظماء أقامو بها نهضة شملت كافة النواحي الطبيّة، والاجتماعيّة، والفلسفيّة، والأدبية، إنهم هم من علمو أمماً سبقت وأمماً تلاحقت بعدها ولا زالت الى الآن تنهج خطاهم في العلم والتقدم والحضارة. برز عدد كبير من علماء العرب أمثال: أبو بكر الرازي، والخوارزمي، وابن النفيس، وجابر ابن حيان وغيرهم من لمعت أسماءهم في سماء المعرفة والمجد وأضاءت دروب الأجيال على مرّ السنين.
ابن سينا
هو الشيخ شرف الملك ابو علي حسين بن عبدالله بن الحسن بن سينا، ولد عام تسعئمة وثمانين ميلادية في قرية يقال لها أفشنة، كان يظهر منذ طفولته إدراكاً ووعياً وتحصيلاً وحفظاً، أخلص للعلم فكشفت له العلوم عن قوانينها، وأفشت له الفلسفة عن أسرارها، وآمن بالعقل إيماناً مطلقاً، وهو مفكر شق طريقه بين الأشواك والصخوروعبد طريقاً شائكاً ولولا مجهودات ابن سينا لما قام العالم فلسفياً لذا سمّي بالشيخ الرئيس، ترك ابن سينا ما يمكن اعتباره سيرة ذاتيّة روى فيها وشرح قسطاً مهمّاً من حياته، وانتقل من قرية أفشنة إلى بخارى وكان بها عدد من أبرز علماء الإسلام ومنهم البخاري إمام المحدثين، وكان أبوه حاكماً على ضيعة بمنطقة بخارى والذي وفر له ولأخيه تعليماً مثالّياً، ولقد نشأ ابن سينا في بيت علم فحفظ القرآن الكريم وهو لم يتمّ العاشرة من عمره، وكرس عمره كله للعلم فأبدع وأحدث ثورة علمية لازالت آثارها الى هذا اليوم، توفّي في منطقة همدان عام ألف وسبعة وثلاثين ميلادية.
أبرز إنجازات ابن سينا
ابن سينا نابغة في كثير من المجالات فلقد برع في الطب، الفلك، الفلسفة، في التاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والكيمياء، وهو موسوعة بحد ذاته فلقد ترك لنا حوالي مئتين وسبعين كتاباً ورسالة في كافّة المجالات، ففي مجال الطبّ وضع أسس للطب التجريبيّ واخترع الكثير من الأدوية من الأعشاب ونحوها، وهو أول من قام بذلك وكان لايزال في سنّ السادسة عشر من عمره، ولقد كتب كتباً كثيرة عن تشريح جسم الأنسان وخصوصاً العين، واستخدم فيها أدوات بسيطة، ولقد نجح في علاج و دواء السلطان نوح بن منصور الساماني سلطان بخارى من مرض عضال عجز عن شفائه العديد من الأطباء وهو لايزال في سنّ الثامنة عشر من عمره.
في مجال الفلسفة كان ابن سينا مفكّراً أكثر من كونه باحثاً عن كلام منهجيّ عاديّ، لذا فلقد برع في الفلسفة والطب في نفس الوقت، ولقد طبعت كتب ابن سينا وترجمت الى أكثر من لغة ودرست في الجامعات والمعاهد الأجنية لسنوات طويلة حتى القرن السابع عشر تقريباً ولقب بامير الأطباء، والعالم ابن سينا هو أوّل من وصف مرض السحايا وصنّفه تصنيفاً دقيقاً، كما عرف سبب الإصابة بمرض اليرقان، والاضطرابات المعويّة وكلّ ذلك دونه في كتابه القانون في الطب، كما برع في تمييز التهاب الرئه، والسكتة الدماغية، واعتبر النبض أهمّ مقياس لصحّة الجسم، كما وصف مرض السرطان، وأتقن ابن سينا الطرق ووصفات العلاجيّة وله حوالي سبعئمة وستين طريقة دوائيّة، وبحث في المسكّنات وعقاقير مرض القلب وطرائق تركيبها وتحضيرها.