توماس أديسون
هو الأمريكي توماس ألفا أديسون، ولد في الحادي عشر من شهر فبراير عام 1847م في ولاية ميلان - أوهايو، وترك أثراً كبيراً في حياة البشرية؛ وذلك لما له من اختراعات وابتكارات خدمت الإنسان، وهو مُخترعٌ ورجلُ أعمال، وتَمكن من ابتكارِ كلٍّ من آلةِ التّصوير السينمائي، وجهازِ الفوتوغراف، ومن أشهر اختراعاته: المِصباح الكهربائي المُتوهج. حَظِيَ بِلقب ساحر مينلو بارك، والذي أطلقَهُ عليه المُراسل الخاص بإحدى الصُّحف.
يشار إلى أنَّ إديسون كان ضِمنَ الأوائل الذين اتبعوا مَبدأ الإنتاج الشّامل، والعمل الجماعي، وطبّقوه على أرض الواقع في نطاقٍ واسعٍ فيما يتعلقُ بعمليةِ الاختراع، ونظراً لِتعدد اختراعاته لُقِّبَ بِصاحب الألف اختراع؛ فله في أمريكا وحدها مئتان وثلاثة وأربعون براءةَ اختراع، إلى جانب الاختراعات المُتعدّدة في فرنسا وألمانيا.
لقد تمكّن بذكائه الخارق من اختراع: وسائلَ الاتصال، ومُسجل الاقتراع الآلي، والبطارية الكهربائية، والطاقة الكهربائية، ومسجل الموسيقى، والصّور المُتحركة، والتلغراف، ولقد عمل على رسمِ أبعاد نظامٍ خاصٍ لِتوليدِ الطاقة الكهربائية والسعي لِإمداد المنازل والشّركات والمصانع بها؛ مما أدى إلى إضاءة أنحاء العالم، وتطوير الصّناعات الحديثة، وكانت أول محطة توليد للطاقة في شارع بيرل في نيويورك.
سيرة توماس أديسون
ينحدر توماس أديسون من أصولٍ هولندية، وهو الابن السّابع لوالديه، وكان والده قد تركه وإخوته مع والدتهم في مدينة بورت هورون في ولاية ميشيغان التي نشأ وترعرع بها، وهاجر والده إلى كندا بعد أنْ فشلت الثّورة التي شارك بها "ثورة ماكنزي" عام 1837م. يُشار إلى أنّ أديسون كان طالباً غبياً وِفقَ وَصفِ أَساتِذَتِه؛ فلم يُتمّ ثلاثة أشهر على مَقاعد الدّراسة وتمّ فَصلُه من المدرسة، وأُصيب بصممٍ جزئي في سنواتِ طفولته الأولى؛ وذلك إثر إصابته بالحمى القرمزية دون علاج.
يعود الفضل لوالدته لما وصل إليه؛ حيث كانت هي الشّخص الوحيد الذي يُشجعه، ويثق بقدراته العقلية، ودأبت والدته على المُداومةِ على تدريسه في المنزل، وتشجيعه على القراءة، وساهمت كُتُبُ باركر العلمية "مدرسة في الفلسفة الطبيعية" كثيراً في تَحسين مستوى تعليمه وجودته.
تمكن أديسون من العمل في عدةِ مجالات منها: بيع الحلوى، وبيع الصحف في محطاتِ القطارات، والخضار؛ لِتحسين مستوى الدّخل، وقام إديسون بدراسةِ التَّحليل النّوعي، وأجرى تجارباً كيميائية مُتعددة في القِطار، إلا أنَّ ما مَنَعه من مُواصلة تجاربه هو وُقوع حادثةٍ أدتْ إلى حظرهِ من أداءِ تجاربه.
تمكن بعدها من الحصول على الحصريّة ببيع الصحف على الطّرقات، وذلك بإسنادٍ من مُساعدين أربعة، وقام هو بدوره بإطلاقِ نشرةٍ أسبوعيةٍ تحمل اسم "Grand Trunk Herald"، وكانت هذه الخطوة أولى خطواتهِ في طريقِ النّجاح فأسهمت في دفعه إلى إنجاز العديدِ من المشاريع الرِّيادية، وأصبح رَجُل أعمالٍ مشهور، وأنشأ أربع عشرة شركة، من أهمها جنرال إلكتريك، التي لا تزال قائمة إلى الآن.
زواج توماس أديسون
تزوج توماس أديسون خلال حياته مرتين، الأولى كانت في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 1871م، من ماري ستلويل ابنة الستة عشر عاماً، وكانت تعمل في أحد المحلات التّجارية، وأنجبت له كلاً من ماريو إستل إديسون، وتوماس ألفا إديسون، وويليام ليزلي إديسون ويعتبر الأخير مُخترعاً تَخَرَّج من جامعة بيل، وفارقت زوجته الحياة بعد سنوات؛ وذلك لما هى اسباب غير معروفة، وكان ذلك في التّاسع من أغسطس عام 1884م.
تزوّج بعدها بسنتين من مينا ميلر، وكان عمره آنذاك تسعة وثلاثين عاماً، بينما كان عمر زوجته عشرين عاماً، وأنجبت له من الأبناء مادلين إديسون، وتشارلز إديسون، وتيودور إديسون.
مسيرة توماس أديسون المهنية
بدأت حياة توماس أديسون العمليّة في ولاية نيوجيرسي؛ حيث تمكّن هناك من ابتكار المُكرّر الآلي، وأجهزة تلغرافية حديثة ومتطورة، وفي عام 1877 حظي بشهرةٍ واسعةٍ جداً؛ وذلك بسبب ابتكاره الفوتوغراف الذي اعتبره عامّة النّاس نوعاً من السّحر؛ لِذلك أطلقوا عليه لقب "ساحر مينلو بارك" في نيوجرسي، وتمّ تسجيل هذا الفوتوغراف للمرة الأولى على أسطوانة مصنوعة من القَصدير لكنْ كانتْ جودةُ الصّوت سيئة للغاية؛ حيث كانت تتيح المجال للتسجيل لِمرات قليلة.
عمل بعدها ألكسندر غراهام بيل ومجموعة من المخترعين على تطوير هذا التلغراف، وإعادة تصميمه بالاعتماد على الأسطوانات الكرتونية المكسوة بالشّمع، ما جعل من التلغراف آلة ذات فائدة.
ساهمت الأموال التي تقاضاها من بيع التلغراف في تمكينه من إقامة أولِ مُختبر للبحوث الصّناعية في مينلو بارك في ولاية نيوجرسي، وعلى الرغم من عدم تَحقُقِهِ من مدى صِحة خطوته التي خطاها بعد قيامه بعرض التلغراف بمبلغ وصل إلى خمسة آلاف دولار، إلا أنّه طالب ويسترن يونيون بإعطاء عرضٍ حول سعرٍ يُمكنُ بيع التلغراف به، فَصُعِقَ عند سماعه المبلغ والذي كان عشرة آلاف دولار أمريكي، ووافق على هذا العرض وباعه بهذا الثمن.
بفضل اختراعه هذا حقّق نجاحاً مالياً عظيماً؛ فتمكّن من إنشاء أوّل مُؤسسة خاصة بأغراض الانتاج والتطوير المتواصل للابتكارات التكنولوجية.
اختراعات توماس أديسون
- جهاز الإرسال الكربوني للهاتف: حقق توماس أديسون في عامي 1877 و1878م نجاحاً بالإضافة إلى نجاحاته السّابقة، فتمكّن من ابتكار الميكرفون الكربوني، الذي يتم استخدامه بجميع الهواتف المُرتبطة بأجهزةِ الاستقبال "بيل" ودار نِزاعٌ بينه وبين إميل برلينر حول براءةِ اختراع هذا الجهاز، وفي عام 1892م قضتْ المَحكمة الاتحادية ببراءة الاختراع لِتوماس إديسون.
- الضوء الكهربائي: ساهم توماس أديسون بتطوير الضوء الكهربائي وتحسينه حتى توصّل إلى فكرةِ الضوء المُتوهج، وأجرى عدة تجارب باستخدام أسلاك البلاتين والأسلاك المعدنية الأخرى، ثمّ عاد إلى الاعتماد على الأسلاك الكربونية، وكانت أوّل مرة تمَّ تشغيله بها استمرت مدة تشغيله إلى ثلاث عشرة ساعة ونصف الساعة، وكان ذلك في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر عام 1879م.
بقي يُضفي التطويرات والتحسينات على الضوء الكهربائي حتى حلول الرّابع من نوفمبر من نفس العام، وحصل على براءة الاختراع الأمريكية الحاملة للرقم 223.898 للمصباح الكهربائي ذا الأسلاك الكربونية، وسجّلت بأنّها "أسلاك الكربون أو شريطٌ من أسلاك البلاتينا الملفوفة والمُتصلة".
- توزيع الطاقة الكهربائية: قام إديسون بتأسيس شركةِ إديسون للإضاءة وذلك في السّابع من شهر ديسمبر عام 1880م، وكان ذلك بعد أن مُنحَ براءة الاختراع الأمريكية بنظامِ توزيعِ الكهرباء في نفس العام، وبعد مرور عامين على تأسيس شركته قام بإنشاء أوّل محطةٍ كهربائيةٍ تعود ملكيتها لِمستثمرٍ كبيرٍ في نيويورك، وتمَّ تشغيلها باستخدام نظامِ توزيعِ الطّاقة الكهربائية.
- التيارات الكهربائية: زادت نجاحات أديسون بعد أن أنشأ نُظُمَ الإنتاج الشّامل وتطبيقها، وحقوق الملكية الفكرية؛ فعمل على تعزيز نظام التّيار المستمر الذي يعمل بدوره على توزيع الطّاقة الكهربائية كبديل للتّيار المُتردد، الذي كان قد رَوَّجَ له خصمُ أديسون "جورج ويستينجهاوس" ومخترعه نيكولا تسلا، وتَمَكّن أديسون من إيجاد التيّار المستمر والذي يعتبر أقل كُلفة، ويُمكن إرساله بواسطة الأسلاك الرَّقيقة، وبالتالي تزويدُ منازلِ المُستخدمين وشركاتهم.
- المِنظار: يعودُ الفضل لِتوماس أديسون في ابتكار أول منظار، والذي يعتمد في التقاط الصّور الإشعاعية باستخدام الأشعة السينية، في الوقت الذي كانت القدرة على التقاط الصّور ضعيفة جداً، وقام بإنشاء واختراع شاشاتِ منظار تنغستات الكالسيوم، والتي ستساهم في إنتاج صور أكثر وضوحاً من شاشات سيانيد بلاتين.
وفاة توماس أديسون
توفّي المخترع الكبير توماس أديسون عن عمرٍ يُناهز أربعةً وثمانين سنة، وذلك في الثامن عشر من شهر أكتوبر عام ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين، في ويست أورنج، وكانت وفاته نتيجةَ إلمام مُضاعفات مرض السّكري به، وتمَّ دفنه خلفَ منزله الذي كان قد اشتراه كهديةٍ لزفافه من مينا، عام ألف وثمانية وست وثمانين ميلادي.