صلاح الدين الأيوبي
وُلد القائد الناصر صلاح الدين الأيوبي في العام خمسمئة واثنين وثلاثين من الهجرة في منطقة العراق وتحديداً في تكريت، ويرجع نسب صلاح الدين إلى أهل مدينة دوين الأرمينية، وتحديداً إلى أيوب بن شاذي بن مروان، وهناك اختلاف بين المؤرّخين في نسب العائلة الأيوبية.
والد صلاح الدين هو نجم الدين، والذي وُلِّي على بعلبك لمدّة سبعة أعوام، لينتقل بعدها إلى مدينة دمشق؛ حيث قضى صلاح الدين الأيوبي طفولته، وشبابه، وقد كان في فترة شبابه ملازماً لبلاط الملك نور الدين زنكي -رحمه الله-، وعلى الرغم من شح المعلومات حول حياة صلاح الدين الأيوبي في طفولته وشبابه إلا أن من عاصروه في تلك الفترة أكدوا على أنه تلقّى تعليماً رفيعاً، فقد كان صلاح الدين عالماً بالعديد من العلوم منها الرياضيات، والشريعة الإسلامية، والهندسة الإقليدية، وغير ذلك، إلّا أن شغف القائد صلاح الدين بالعلوم الدينية والشرعية كان واضحاً.
حياته
مرت حياة صلاح الدين الأيوبي بالعديد من المراحل المختلفة، وقد أثبت هذا القائد الفذّ العظيم قدرات غير اعتيادية لدرجة استطاع بها إنجاز العديد من الأعمال الهامة بعد أن تولّى حكم البلاد، وكتعرف ما هو معلوم فقد ارتبط اسم صلاح الدين الأيوبي ارتباطاً وثيقاً جداً بالحملات الفرنجية على المشرق، حيث كان واحداً من ألمع من تصدوا لهذه الحملات، وهو الذي يُعزى إليه تحرير القدس من هذا الغزو الخارجي، كما يُعزى إليه تحرير ساحل بلاد الشام، بالإضافة إلى خوضه واحدةً من أشهر المعارك في التاريخ الإسلامي وهي معركة حطين والتي كانت بوابة التقدم، وتحقيق الانتصارات المتتالية على الفرنجة.
أمّا على الصعيد الشخصي والاعتقادي؛ فقد كان صلاح الدين مسلماً، متصوفاً، يتبع الطريقة القادرية، وقد اشتهر القائد صلاح الدين بأخلاقه العالية التي قل أن يوجد لها نظير بين الفرسان والقادة العظام، فقد نال القائد صلاح الدين احترام أعدائه قبل أصدقائه، واشتهر بالتسامح، والإنسانيّة التي لا نظير لها، وبسبب هذه الخصال الحميدة فقد كان لحياة صلاح الدين الأيوبي نصيب الأسد في الإعلام، والأدب، والفن سواءً العربي أو الأوروبي، وقد ظهر بشخصيّة الفارس النبيل في الأعمال التي تناولته وتناولت حياته.
وفاته
أصيب صلاح الدين الأيوبي بالحمى الصفراوية في السادس عشر من شهر صفر من العام خمسمئة وتسعة وثمانين من الهجرة، وقد اشتدّ عليه المرض شيئاً فشيئاً إلى أن وافته المنية في السابع والعشرين من شهر صفر من العام ذاته، وسبّبت وفاته صدمةً كثيرة لمحبيه، ولمن تعلقوا به من المسلمين ومن الأعداء، وكان -رحمه الله- قد توفي في مدينة دمشق، وقد دفن فيها بالقرب من المسجد الأموي إلى جانب الملك نور الدين زنكي -رحمهما الله-، ومن العجيب، وعلى الرغم من إنجازاته العظيمة، فقد توفي ولم يخلف مالاً، فالمال الذي تركه لم يكن يكفي حتى لسداد تكاليف دفنه، وجنازته، إلّا أنّ ذكراه العطرة لا زالت باقيةً وستظل خالدةً أبد الدهر.