نتحدث اليوم عن الدعاء بعد أعظم العبادات، العبادة والفريضة التي فرضت في السماء، في موقف فريد عظيم، لم ولن يتكرر، وحيث كان الله -عزوجل- يكلم رسوله في سدرة المنتهى، التي لم يطئها إلا هو حتى أن جبريل -عليه السلام- قال للنبي الأعظم تقدم يقولها وهو يرتجف مهابةً وخوفاً وتبجيلاً لله -عز وجل-، يقولها وهو منكسر مع عظمته وقوته، يقولها وهو يمتلك ستمئة جناح يصفها النبي-صلى الله عليه وسلم- بأنها كانت تغطي الأفق مابين المشرق والمغرب، فيرد النبي -صلى الله عليه وسلم - تقدم يا جبريل معي -فيقول إن تقدمت إحترقت ولكن تقدم انت يا رسول الله، فتظهر هنا محبة الرب -عز وجل- لعبده وتفرض هنا هذه العبادة، ولم يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ما حدث في هذا الموقف، حتى لأقرب أصدقائه أبي بكر -رضي الله عنه-، فلك أخي القارىء أن تنظر بتمعن وتدبر لهيبة هذا الموقف، وما لامسه من عظمة وتقدير.
ونذكر قبل الدخول في حكم الدعاء بعد الصلاة، أن الصلاة هي عماد الدين، وأهم ركائنه، وهي صلة العبد بربه وطريقه وسبيله إليه، قال -صلى الله عليه وسلم- : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ".
وقد ورد في السنة النبوية عن أذكار شرعت واستحبت بعد الصلاة، ذلك اقتداءً بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن هذه الأذكار :
عن ثوبان رضي الله عنه قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : كان إذا فرغ من الصلاة وسلَّم، قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
وعن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلم: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون" قال ابن الزبير: "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهلل بهن دبر كل صلاة" .رواه مسلم .
ومما سبق يظهر لنا أن هناك فضل كبير لذكر الأدعية المشروعة والأذكار التي وردت على لسان نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم-، وأن الدعاء في حاجات الإنسان الخاصة يسرع ويسمح، فهو وقت عظيم أي الوقت دبر كل صلاة، ولكن يجب عليه ألا يجعل ذلك لزاماً بعد كل صلاة .
