الصيام عبادة فرضها الله عز وجل على عباده منذ الازل ، وهو صورة من صور تعظيم بعض الأيام ، كيوم عرفة ، وعشرة ذي الحجة ، وغيرها ، ولكن تخصيص العبادة بيوم معين على أي وجه من وجوه التعظيم في الإسلام هو مناط الكتاب والسنة .
ومدار اختلاف العلماء حول حل صومه أو حرمته ما ورد في حديث أخرجه أبو داود ، أن النبي صلى عليه وسلم قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة أو عود عنب فليمضغه) ، أورد أبو داود أن الإمام مالك بن أنس _ إمام دار الهجرة _ قد قال : " إن هذا الحديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وقد ورد في صحيح السنة خلافه لما ورد عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جويرية بنت الحارث رضي الله عنها تصوم يوم جمعة ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أصمت أمس ؟ " فقالت : "لا "، فقال : "أتصومين غدا ؟" فقالت : "لا "، قال : "فأفطري" ، ومنه أيضا ما أجابت به أم سلمة سؤال : " أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر ؟ " فقالت : " السبت والأحد " .
ويدور الخلاف بين العلماء حول هل يصوم المسلم السبت منفردا أم مجموعا ؟ فأجاز الإمام أحمد بن حنبل صيامه مجموعا خلافا لبقية الأئمة .
فإن سأل سائل فما العمل إن كان يوم عرفة أو يوم عاشوراء يوم سبت هل يكره صيامه منفردا ؟ اجاب العلماء والمحققون ومنهم العلامة محمد بن صالح بن عثيمين _ رحمه الله تعالى _ بأنه لا بأس بصيام يوم السبت منفردا إذا وافق من الأيام ما شرع صيامه منفردا ، كيوم عرفة او يوم عاشوراء .
وأما الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله تعالى فقد اثار ضجة كبيرة ، وهو من هو في العلم بالحديث والسنة والفقه ؟ وذلك لما خرج على الدنيا بفتوى مقتضاها حرمة صيام يوم السبت ، وبألفاظ صراح ، والظاهر من قوله رحمه الله تعالى أنه قبل العمل بالحديث الآنف الذكر ، وهو ذو الكعب العالي في علم الحديث دراية ورواية وشرحا وتأصيلا واستنباطا وتنظيرا ، ولم يخرج من حكمه هذا إلا من صام الجمعة ، فواجب عليه صيام السبت وإلا فلا يجوز للعالم بالحكم صيام السبت في غير ذلك إلا أن يكون فريضة ، كتعرف ما هو مفهوم وتعريف ومعنى من الحديث السابق ، وجدير بالذكر حين الحديث عن أولئك الذين قبلوا العمل بهذا الحديث ، أنهم اختلفوا في التوفيق بين الأحاديث التي تذكر صيام الأيام التي شرعها الله تعالى ، كيوم عرفة ويوم عاشوراء إذا وافق يوم السبت ، فمنهم من أوجب عليهم الجمع ، فلا يصام يوم عرفة منفردا إذا وافق يوم السبت ، بل يجمع بيوم قبله ، لأنه لا يجوز صيام يوم العيد كتعرف ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، ولا يصام عاشوراء وحده إذا وافق يوم السبت، بل يجب الجمع بينه وبين يوم قبله أو آخر بعده قس على ذلك صيام النذر والقضاء وغيره ، فإما أن يصوم يوما غير السبت والجمعة منفردا كالاثنين أو الخميس ، أو ان يجمع بين السبت والجمعة أو السبت والأحد .
وهكذا أخي القارئ يمكنك أن تأخذ بأي القولين شئت ، والذي أراه أقرب للحق والذي تميل له نفسي الراي الاول لما تضافر من أقوال العلماء من ضعف الحديث الأول ورده .