علاقة الأبناء بالوالدين
لم تحظَ علاقة على وجه الأرض بالاهتمام الذي حظيت به علاقة الأبناء بالآباء والأمهات خصوصاً في ظلّ الشريعة الإسلاميّة التي أولت هذه العلاقة الجانب الأهمّ ورغّبت في برّ الوالدين، وحذرت أشدّ الحذر من عقوقهما ومُخالفة أمرهما ما لم تكن في طاعتهما مُخالفة للدين وضرر في النفس والجسد، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
من الطبيعي أن ينظر الإنسان العاقل إلى تصاريف الزمان، وكيف أنّه اليوم تحت كنف والدين يرعيانه ويهتمان لشؤونه واحتياجاته ويسهران الليل لينام قرير العين، ويكدّان في النهار ليكتسبا رزقاً يُعيلانه به، وأنّهُ غداً سيكونُ أباً أو تكون هي أمّاً؛ فهذهِ الحياة دول وتتقلب أدوارها بين الخلائق، فمن أرادَ الخير لنفسه فعليه أن يزرع بذورهُ لعلّه يُثمر حينَ يُصبح والداً أو والدة، هذا من حيث المنطق الطبيعي لتداول الأيام وتصريفها، ومن ناحية الدين الإسلاميّ فإنّ في برّ الوالدين والإحسان إليهما رفعة في الدنيا وزيادة في الأجر والثواب في الآخرة عند الله سُبحانهُ وتعالى.
بر الوالدين في الإسلام
- من بر الولد لوالده أن يُحسن الأدب في مجلسه فلا يرفع صوته مخاطباً ومُجادلاً بغير أدب ولباقة، بل أن يكون ليّناً مطواعاً كما قال الله عزّ وجل محذرا لنا بأن نقول لهُم ولو كلمة أفّ.
- بر الوالدين أن يطعمهما اذا جاعا، وأن يكسوهما، وأن يُنفق عليهما، وأن يقف على أمرهما فلا يدعهما يحتاجان أحداً من الخلق وهو موجود.
- يبر الرجل والديه باستقامته على أمر الله وطاعته وامتثال أمره، فلا يدخل السرور في قلب الأب والأم المؤمنين أكثر من صلاح الولد وبعده عن مواطن الشر والأذى، وفي دين الله كل الخير والوقاية من الشر.
عقوق الوالدين
- صور عقوق الوالدين كثيرة ومتنوعة نذكر منها:
- أن يكون الابن مسيئاً لُهما بالكلام وربّما امتدّ الأمر بالإساءة الماديّة كالضرب والإيذاء.
- عدم الوصل والهجر، أو أن يدعهما في دار للمسنين والعجزة وهذا ممّا تفشّى عند بعض الأبناء.
- عدم الإنفاق عليهما مع حاجتهما لذلك واقتدار الولد على نفقتهم.
عقوبة عقوق الوالدين
يُعدّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر وقد ورد ذلك صريحاً في الحديث الذي رواه أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - ثلاثًا - ؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
وعقوبة عقوق الوالدين لا يعلمها الا الله سُبحانهُ وتعالى لعظيم جُرمها، كما أنّ الله سُبحانهُ وتعالى جعلها من العقوبات التي تُعجّل لصاحبها في الدنيا فضلاً عن عذاب الآخرة إلاّ من تاب وأصلح ما بينه وبين والديه فإنّ الله توّابٌ رحيم.