منذ عقود كثيرة ونحن ننتظر عودة الناصر صلاح الدين ذلك القائد الذي نصر الإسلام والمسلمين، وحرر القدس بعد توحيد دويلات العرب تحت راية الدولة العباسية الإسلامية، بعد ما أن جعلوا من المسجد الأقصى إصطبلاً لخيولهم، وتفشى الظلم على الناس من الحكم الصليبي في فلسطين وفي القدس خاصة، حيث كانوا يذبحون الحجاج الذين في طريقهم للصلاة في القدس؛ إلى أن جاء القائد العربي المسلم ليرد الكرامة للعرب والمسلمين ويزيل سنوات الظلام على المسلمين في جميع بقاع العالم.
صلاح الدين الأيوبي ومن منا لا يعرف من هو صلاح الدين الأيوبي ، هو أكبر القادة العسكريين الذي عاشوا في فترة كان فيها الإسلام قوياً ، وتمكن من تحرير العديد من الدول المغتصبة في ذلك الوقت ، وبعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي إستمرت 262 سنة، لقد قاد معارك عدة ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبين الأوروبين في سبيل إستعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون قد إستولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في النهاية من إستعادة الأراضي الفلسطينية واللبنانية ومن ضمنها القدس بعد الهزيمة النكراء التي ألحقها بالصليبين في معركة حطين.
وكان معروفاً عنه أنه مسلم متصوف متبعاً للمذهب السني وبعض اللمؤرخين قالوا أنه كان يصاحب علماء الصوفية الأشاعرة لأخذ الرأي والمشورة، وقد اشتهر بمسامحته ومعاملته الإنسانية لأعدائه لذلك كان من أكثر الأشخاص تقديراً واحتراماً في المجتمعين الشرقي الإسلامي والغربي المسيحي.
كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته، وحظي بالإحترام من جهة خصومه خاصة ريتشارد قلب الأسد، وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في أوروبا نال رمزاً من رموز الفروسية والشجاعة، وورد ذكره في الكثير من القصص الإنجليزية العائدة لتلك الحقبة، وكانت المواجهة مع الملك ريتشارد ومعاهدة الرملة آخر أعمال صلاح الدين قبل إصابته بالحمى الصفراوية، وقد أصابته بالأرق، ولم ينم الليل وأخذ المرض يشتد عليه، وبعد تسعة أيام لم يستطع تناول الطعام أو الشراب وتوفي بعدها بيومين.
كان موته بمثابة مأساة بالنسبة للناس ، فقد حزن المسلمون حزناً شديداً بسبب نبله وكرمه الذي كان يتعامل به مع الناس ، وكانت حنازته كبيرة جداً فقد خرج المسلمين جميعاً من أجل تشييع جنازته وتم دفنه بعد أن صلوا عليه العصر ، قرب المسجد الأموي في دمشق ، ومن الأمور التي سجلها التاريخ في رصيد هذا القائد الكبير ، أنه بعد وفاته قاموا بفتح خزنته فلم يجدوا فيها ما يكفي لتكاليف الجنازة .
قبل وفاته قام بتقسيم الدولة الأيوبية بين أولاده وأفراد من عائلته، ولم يلبث كثيراً بعد وفاته الإ أن دب الخلاف بين الأخوة مما جعل عمهم العادل يقوم بعزلهم، وتوحيد البيت الأيوبي تحت رايته، وكرر عمل أخيه صلاح الدين فقام بتقسيم أراضي دولته بين أبنائه وهو على قيد الحياة، ولكنهم قاموا على القتال، وهذا أعطى الفائدة للصليبين، إلى أن جاء حفيد العادل الصالح أيوب ووحد الدولة تحت سلطنته.