منظمة التجارة العالمية
يُطلق على منظّمة التجارة العالمية اختصاراً (WTO)، وهي الأحرف الأولى من الكلمات وعبارات الإنجليزية (World Trade Organization). تشترك مئة وستون دولةً في عضوية هذه المنظمة العالمية، وكانت بداية انطلاقتها في الأوّل من شهر كانون الثاني عام 1995، وتتخّذ من العاصمة السويسرية جنيف مقراً لها، وتندرج ضمن قائمة المنظّمات الدولية الحديثة.
تأسيسها
انبثقت فكرة منظمة التجارة العالمية من وحي الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة للجات GAAT، واعتمدت على نظام تجاري يعود تاريخه إلى أكثر من خمسين عاماً رغم أنّها حديثة الانطلاق، وكان العالم قبيل انطلاق منظّمة التجارة العالمية قد شهد نمواً غير مشهود في التجارة العالمية، فقد سجّل نمو الصادرات للبضائع في تلك الفترة نسبة بلغت 6% سنوياً، الأمر الذي دعا اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية إلى استنباط نظام تجاري قوي فريد من نوعه يواكب التطوّرات في تلك الفترة.
كانت منظّمة التجارة العالمية وليدة مفاوضات وجولات تجارية، وكان ختامها في الأورغواي في الفترة الممتدّة ما بين 1986-1994، وكان قد سبقها قيام الجات بعقد جملةٍ من المفاوضات والجولات التجارية والتي تطرّقت بشكل أساسي إلى مسألة خفض التعريفات، ومن ثمّ انتقلت إلى مقاومة الإغراق، ومن ثم تطورّت المفاوضات إلى أن وصلت إلى رسم أبعاد اتفاقية تتعلّق بخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية تحت موافقة تسعٍ وستين حكومة انبثقت عن جولة أورغواي. قامت أربعون حكومة في عام 1997م بسبب انبثاق اتفاقية خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية؛ حيث تكلّلت جهودها بنجاح بإتمام مفاوضات تتعلّق بشكل خاص بالتجارة دون تعريفات خاصة بمنتجات تكنولوجيا المعلومات.
عَمدت سبعون دولةً أخرى ضمن قائمة الدول الأعضاء إلى إبرام اتفاقيات خاصة تتعلّق بالخدمات المالية تعمل على تغطية جزء كبير من التجارة البنكية والتأمين والأوراق المالية والمعلومات المالية ما نسبته 95%، وشهد عام 1998م حدثاً هاماً هو التركيز على نقاط تجارية تتعلّق بالتجارة الإلكترونية العالمية.
أهدافها
انطلقت منظّمة التجارة العالمية لتحقيق مجموعة من الأهداف تتمثّل بما يلي:
- السعي الدؤوب لتحقيق اقتصاد عالمي يملؤه الرخاء والسلام، يطمح المستهلك للمنتجات استمراريّة الحصول عليها بشكل دائم وبكل سهولة ويسر، وأن يتاح له إمكانية التمتع بها، والاختيار الواسع من بين مجموعة من المنتجات عالية الجودة من حيث الصنع والمكونات والمواد الخام، وبذلك يضمن فتح أبواب الأسواق العالمية أمام المنتجين والمصدّرين.
- إقامة اقتصاد عالمي مزدهر متطوّر ينعم بالسلام والمسؤولية: توافق منظّمة التجارة العالمية على القرارات بعد إجماع الدول الأعضاء في المنظمة على الموافقة عليها، وتُصدّق عليها عن طريق مجموعة برلمانات الدول الأعضاء، وتأتي هذه الخطوة تخوفاً من المنازعات الخاصة بالمنظمة فتعمل على الاعتراض فيما يتعلّق بهذه الخلافات بواسطة اعتماد آلية فضّ النزاعات الخاصة بها، وذلك عن طريق التركيز على توضيح وبيان آلية الاتفاقيات والتعهدات المبرمة إلى جانب ضمان التزام السياسات التجارية للدول الأعضاء بهذه الاتفاقيات والتعهدات، الأمر الذي يعمل على ضمان انخفاض نسبة المخاطر التي قد تواجه أعمال المنظمة والتي قد تتطوّر بدورها لتصل إلى الخلافات العسكرية والسياسية، كما أنها تعمل على خفض مستوى الحواجز التجارية.
- السعي لتحقيق وتوفير الحماية الملائمة للأسواق الدولية لضمان ملائمتها لجميع الطبقات والمستويات المعيشية.
- خلق حيّز للتنافس الدولي بين الدول التجارية والاعتماد على الكفاءة الاقتصادية في استخدام المصادر والموارد.
- توظيف موارد العالم الخام بشكل كامل.
- تحقيق الأهداف الاستراتيجيّة لمنظمة التجارة العالمية التي تمّ رسمها خلال جولة الأورغواي، وهي:
- إبرام اتفاقيات متعدّدة الأطراف فيما يتعلق بمجال التجارة بالسلع.
- عقد الاتفاقيات المرتبطة بتجارة الخدمات بشكل وثيق.
- المضي قدماً على إدخال اتفاقيات متعلّقة بحماية حقوق الملكية الفكرية إلى أرض الواقع، ومن أهمّ هذه الجوانب المتعلقة بهذا الشأن:
- الاتفاق فيما يتعلّق بالقواعد والإجراءات والقوانين التي تعمل على تسوية النزاعات والخلافات.
- الاهتمام بآلية مراجعة السياسة التجارية.
- إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية.
- إبرام اتفاقيات تتعلّق بإجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة.
الهيكل التنظيمي للمنظمة
تضّم منظمة التجارة العالمية مجموعة من اللجان التي تعمل جاهدةً على تنظيم التجارة الدولية بين الدول الأعضاء فيها؛ فتعمل على تشكيل منتدى خاص بالمفاوضات لجمع أطراف متعددة لبحث مواضيع متعلقة بها، ويكون هيكلها التنظيمي على النحو التالي:
- المؤتمر الوزاري: عملت منظمة التجارة العالمية على تأسيس مؤتمر وزاري مكوّن من وزراء التجارة في الدول الأعضاء بها، ويحتّل هذا الجزء قمة الهرم في السلطة في المنظمة، ويعقد اجتماعاً لوزراء التجارة في الدول الأعضاء مرّةً واحدة كل عامين، وكان أوّل مؤتمر وزاري جمع وزراء التجارة في الدول الأعضاء قد انعقد في الأول من شهر كانون الأول من عام 1996 في سنغافورة، وتلاه المؤتمر الثاني الذي استضافته جنيف في شهر آيار من عام 1998م، كما قامت الولايات المتحدة الأمريكيّة باستضافة المؤتمر الثالث في عام 1999م، وفي عام 2001 كان المؤتمر بضيافة العاصمة القطريّة الدوحة.
- الأمانة العامة: هي الجزء من الهيكل التنظيمي لمنظمة التجارة العالمية المؤلَّف من المدير العام للمنظمة وهو روبيرتو أزفيدو إلى جانب مجموعة من الموظفين المستقلّين عن الدول التي ينتمون إليها.
- المجلس العام، ويوكل إليه المؤتمر الوزاري جملةً من الوظائف، والذي يعمل بدوره على حل الخلافات التجارية التي تنشب بين الدول الأعضاء، كما يفحص ويختبر السياسات التجارية، وهو مؤلّف من ممثلين للدول الأعضاء ويجتمعون مرة كل شهر، ويتوّجب على المجالس الرئيسية واللجان الفرعية ومجموعات العمل الخضوع له.
- مجالس رئيسية وهي: مجلس تجارة السلع، ومجلس تجارة الخدمات، ومجلس حقوق الملكية الفكرية.
- اللجان الفرعية: هي لجنة التجارة والبيئة، ولجنة التجارة والتنمية، ولجنة القيود المفروضة لأهداف ترتبط بميزان المدفوعات، ولجنة الميزانية والمالية والإدارة.
نشاطات ومهام المنظمة
تعمل منظمة التجارة العالمية على تحقيق مجموعة من أهدافها والتي من ضمنها سلاسة وسريان وتدفق التجارة بكل حرية، وتضمن تحقيق ذلك عن طريق:
- إبرام جملة من الاتفاقيات المتعلّقة بشكل خاص بالتجارة.
- الحضور والتواجد كمنتدى للمفاوضات الخاصة بالتجارة.
- الاهتمام بالسياسات القومية الخاصة بالتجارة ومراجعتها بشكل مستمر.
- المضي قدماً بمدّ يد العون للدول النامية فيما يتعلق بالسياسات التجارية، وذلك بتقديم المساعدات التجارية، وعقد البرامج التدريبيّة المتعلقة بهذا الشأن.
أعضاء المنظمة
تعمل منظمة التجارة العالمية على تقسيم أعضائها إلى ثلاثة أقسام، وهي على النحو التالي:
- الدول الأعضاء: تنضمّ مئة وستون دولة إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، ومن ضمن هذه الدول: دول الاتحاد الأوروبي، والبرازيل، والسنغال، والكويت، والمغرب، والمملكة المتحدة، وأمريكا، واليابان، واليونان، وتركيا، وتونس، وإسرائيل، وكولومبيا، ومصر، وقبرص، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، والإكوادور، والأردن، والصين، وألبانيا، وعُمان، وروسيا، وأوكرانيا، واليمن، والسعودية، وغيرها.
- الدولة المُراقَبة: وهي مجموعة من الدول يصل عددها إلى أربع وعشرين دولة تطمح وتسعى إلى الانضمام إلى قائمة أعضاء منظمة التجارة العالمية، وتعمل المنظّمة على فرض مفاوضات للانضمام على هذه الدول خلال فترة تصل إلى خمس سنوات بعد إطلاق مُسمّى الدول المراقبة عليها، ومن بين هذه الدول: أوزباكستان، وروسيا البيضاء، والعراق، والجزائر، وإيران، وجزر القمر، وسوريا، ولبنان، وليبيريا، وليبيا، وصربيا، وكازاخستان، وأفغانستان.
- المنظمات الدولية: فتحت منظّمة التجارة العالمية أبواب عضويتها أمام المنظّمات الدولية للدخول على هيئة أعضاء مراقبين، ومن بين هذه المنظمات: اتحاد المغرب العربي، والبنك الإسلامي للتنمية، والمنظّمة العالمية للملكية الفكرية، وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وغيرها من المنظّمات.