إنّ عنصر الراديوم هو عبارة عن عنصر كيميائيّ مُشع، ويتخذ الرمز Ra، وعدده الذريّ هو 88، ووزنه الذريّ هو 226.0245، ودرجة غليانه 1140 درجة سيلسيوس، ودرجة انصهاره 700 درجة سيلسيوس، ويمكن أن يتواجد الراديوم في المادة الخام لليورانيوم، وعندم يحدث له إضمحلال إشعاعيّ ينتج عنه غاز الرادون، ويشبه في خصائص الكيميائيّة عنصر الباريوم. يمتاز معدن الراديوم بأنّهُ معدن لامع ذو لون فضيّ، ويتأثر بالهواء الجويّ فيتحول لونه إلى اللون الأسود، وهو يُعتبر أنشط عنصر من عناصر مجموعته، وجميع نظائره مُشعة. يُعتبر عنصر الراديوم من العناصر النادرة الوجود، وقد اكتشفه الزوجان بيير كوري وماري كوري مع مساعدهما ج. بيمون.
أمّا عن قصّة اكتشافه فهي بدأت مع تزايد اهتمام العلماء بالنّشاط الإشعاعيّ، وقد كان ذلك بعد اكتشاف بكريل له؛ حيث إنّ عمليّة انبعاث إشعاعات ذات النفاذيّة الشديدة من المعادن لم يكن مفهوماً بعد. ومن العلماء الّذين اهتمّوا بالنشاط الإشعاعيّ بيير كوري وزوجته ماري كوري، فقاما بدراسة اليورانيوم وخصائصه، وانكبّا على دراسة خاماته، فوجدا أنّ جميع خامات اليورانيوم لها نشاط إشعاعيّ متوسّط ما عدا نوع واحد منها معروف باسم البتشبلند؛ حيث إنّ نشاطه الإشعاعيّ كان أكبر بأربع مرّات من الخامات الأخرى. وقد اكتشفا أنّ هناك عنصرين مشعّين آخرين جديدين في هذا النوع من خامات اليورانيوم وهما البلوتونيوم والراديوم، وأنّهما السبب في كون اليورانيوم في هذا الخام أكثر إشعاعاً من غيرها. وقد احتاج عزل كميّات قليلة جداً من الراديوم على شكل كلوريد الراديوم إلى أكثر من 10 آلاف عمليّة بلورة، وإعادة بلورة.
ماري كوري
ولدت ماري كوري في مدينة وراسو في بولندا، وعاشت هناك إلى أن أتمّت الرابعة وعشرين سنة، وبعدها لحقت بأختها الكبرى إلى باريس، والّتي ذهبت إلى هناك بقصد الدراسة، ومن أهمّ إنجازاتها أنّها وضعت نظريّة النشاط الإشعاعيّ، وأوجدت طرق ووسائل وتقنيات لفصل النظائر المُشعّة، واكتشفت كلّاً من البولونيوم والراديوم، وتَمّت تحت إشرافها أوّل دراسة لمعالجة الأورام بواسطة النظائر المشعّة، وأسّست معهدين أسمتهما معهد كوري، واحد في باريس، والآخر في وارسو، وذلك من حبّها لوطنها؛ فهي لم تنس وطنها أبداً، وقد أطلقت اسم البولونيوم على أوّل عنصر اكتشفته نسبة إلى بلدها، وأسّست خلال الحرب العالميّة الأولى أول مركز إشعاعيّ عسكريّ، وأسّست معهداً متخصّصاً للعلاج و دواء بالراديوم في مدينها وارسو، والّذي يعرف الآن باسم معهد ماريا سكلودوفسكا كوري للأورام، وقد توفّيت ماري كوري بمرض فقر الدّم اللاتنسجيّ كنتيجة لتعرّضها للإشعاعات لسنوات كثيرة.
ولد بيير كوري في باريس، وقد اشتهر بكونه فيزيائيّاً، وقام بعدّة أبحاث في النشاط الإشعاعيّ، وهو مع زوجته ماري كوري اكتشفا وجود البولونيوم والراديوم، وقد كانا من الروّاد في الأبحاث الإشعاعيّة، وحصدا جائزة نوبل للفيزياء في عام 1903، وقد دفن عند وفاته في مقبرة في سو بفرنسا، وبعد أن توفّيت زوجته ماري تَمّ دفنها بجواره، وفي عام 1995 ميلاديّة تَمّ نقل رفاتهما إلى مقبرة تُعرف بمقبرة العظماء أو مقبرة البانتيون في مدينة باريس كتكريم لهما ولإنجازاتهما، وتَمّ وضع رفاتهما في سرداب واحد جنباً إلى جنب.