الردة بمفهومها العام تعني تغيير المنهج والفكرة التي يتبناها الشخص، إلى فكرة أخرى يتبعها، نظراً لتغير الظروف والعوامل التي يمر بها ذلك الشخص، وهذا التغير قد يكون تغيراً مفاجئاً بسبب مروره في موقف معين، أو تغيراً متدرجاً بسبب مروره في عدة مواقف تراكمت نتائجها في عقله ووجدانه فأثارت تغييراً في فكره ومنهجه.
تتنوع أشكال الردة نظرا وتبعاً لتنوع الظروف والمواقف والأفكار التي يتبعها الإنسان والتي يتأثر بها وتسيطر على عقله، فقد تكون الردة ردة سياسية أو دينية أو ردة عن موقف معين أو ردة أيدولوجية وغيرها من أنواع الردة.
في غالب المجتمعات وتحديداً في الدول المحافظة، لا يعامل المحيط الشخص المرتد عن فكرة معينة معاملة حسنة بحيث تعتبر من الحريات الشخصية ، بل تأخذ الأفكار والمواقف التي يتبناها الشخص منحى آخر، فتتخذ طابعاً شخصياً فتؤثر الأفكار والمواقف على العلاقات الشخصية بين الفرد ومحيطه ومجتمعه، خصوصاً وإن كانت الردة ردةً دينية، فالمرتد في هذه الحالة وغيرها من الحالات قد يعاقب بعقوبات قد تتراوح بين النفي والعقاب البدني كالجلد والضرب والتعذيب بأنواع التعذيب المختلفة وربما يصل الأمر إلى القتل، كل هذا بسبب الصراعات الأيدولوجية التي تسبب كل أنواع الدمار البشري، فالخلافات الأيدولوجية والأصوليات الفكرية إن اتخذت الطابع الشخصي متعدية الطابع الفكري يصبح الموت هو صبغة المجتمعات العامة، وتتحول النهضة الى تراجع على كافة المستويات والأصعدة. أما إذا كانت الدولة قمعية ديكتاتورية يحكمها نظام ظالم، وحدثت ردة سياسية لشخص ما أو مجموعة معينة، فإن هذه الردة ستعتبر عداءً صريحاً لهذا النظام وبالتالي سيتعرض الفرد أو الجماعة إلى أشد أنواع التنكيل والتعذيب.
معاملة المرتدين بهذه الطرق ووسائل الوحشية، لا تكون إلا بسبب تعدي هذا المرتد على مصالح الفئة أو الجماعة التي تتبنى الفكرة التي تخلى عنها هذا الشخص، فهو بذلك قد أحدث أضراراً مادية ومعنوية وسلطوية لهذه الفئة، خصوصاً إن كان هذا الشخص من أصحاب العقليات الراجحة والتأثير ونتائج على الناس.
كل هذا إن كانت الردة في حالة السلم، وإن كان لا يخشى من هذه الردة شئ، أما إن ارتد شخص ما عن فكرة معينة في وقت الحرب، وكان هذا المرتد يخطط لضرب هذه الجماعة بانشقاقه عنها عبر تحالفه مع الجماعة المعادية، سواء بالتجسس أو مقاتلة جماعته التي انشق وارتد عن فكرتها، أو تمويل الجماعات المعادية لهم أو إحداث زعزعة في الأنظمة الداخلية، في هذه الحالة فقط يتم التعامل مع المرتدين بحذر شديد واتخاذ الاجراءات المناسبة بحقهم والتي قد تصل إلى الإعدام إذا ثبتت الخيانة عليهم.
