يعتبر اسم جمال عبد النّاصر اسمًا بارزًا في تاريخنا العربيّ المعاصر على الرّغم من الجدل الكبير حول شخصيّته وأسلوب حكمه، فقد كان جمال عبد النّاصر أحد الضّباط الأحرار الذين خطّطوا يومًا للتّخلص من الملكيّة في مصر والتي كانت تتّجه في ولاءاتها نحو الإستعمار البريطاني، ففي ثورة يوليو 1952 أطاح الضباط الأحرار بالملك فاروق الذي كان يعتبر آخر ملك حكم مصر من سلالة محمّد علي باشا حيث أخرجه الضّباط الأحرار من مصر إلى المنفى، وقد اتفق الضّباط الأحرار فيما بينهم على تولّي أحدهم ويدعى اللّواء محمّد نجيب مهمّة قيادة مصر، وقد بقي محمّد نجيب رئيسًا لمصر حتّى وضعه عبد النّاصر تحت الإقامة الجبريّة بعد اتفاق مع باقي الضّباط الأحرار ليتولّى جمال عبد النّاصر رئاسة مصر رسميّا سنة 1956 بعد مرحلة انتقاليّة امتدت ثلاث سنوات.
وعند تولّي جمال عبد النّاصر مقاليد الحكم في مصر سحبت الدّول الغربيّة دعمها لإنشاء السّد العالي، وقد أثار ذلك القرار غضب الرّئيس عبد النّاصر فأصدر وفور عودته من سفره إلى أحد البلدان قراراً رئاسيًّا بتأمين قناة السّويس لتصبح شركة مساهمة مصريّة من بعد أن كانت تحت السّيطرة الفرنسيّة، وقد أثار هذا القرار غضب الدّول الثّلاثة بريطانيا وفرنسا وإسرئيل وشنّت على مصر عدوانًا ثلاثيّا سنة 1956، حيث اجتاحت قواتهم سيناء وسيطرت على عددٍ من المواقع الحيويّة في مصر حتى أجبر الضّغط الدّولي الدّول الثّلاثة على وقف عدوانها الهمجي.
وقد مرّت مصر بمراحل ومنعطفات تاريخيّة مهمّة في عهد جمال عبد النّاصر منها الوحدة التّي حصلت بين مصر وسوريا سنة 1958 واستمرت حتّى سنة 1961، كما شهدت سنة 1967 حربًا سمّيت بنكسة حزيران حيث مني الجيش المصري بهزيمة نكراء على يد جيش الإحتلال الإسرائيلي، وقد حملت هذه النّكسة عبد الناصر على الإستقالة من منصبه كرئيس للجمهوريّة، ثمّ ليعود وتحت ضغطٍ شعبي إلى سدّة الرّئاسة في مصر من جديد وليحاول مرّة ثانيةً تضميد الجراح. وتعتبر شخصيّة جمال عبد الناصر من الشّخصيات القياديّة التي تركت بصمات كبيرة في المشهد العربي والقومي، إلا أن عداءه لتيار الإسلام السّياسي ويمثله حينئذ الأخوان المسلمين أساء إلى صورته كثيرًا، كما أنّ عصره شهد كثيرًا من سياسات القمع للحرّيات واعتقال المعارضين على الرّغم من شعارات الحريّة والكرامة التي تغنّت بها ثورة يوليو التي أطاحت بالعهد الملكي المستبد.وقد وافت جمال عبد الناصر المنيّة يوم 28 سبتمبر 1970 إثر نوبةٍ قلبيّة تعرّض لها.