التحكم في المشاعر
كثيرون الأشخاص الذين تتحكّم بهم أحاسيسهم فتقودهم وتهيمن على حركاتهم وأفعالهم، بدل من أن يتحكموا هم بها، ويؤدي زخم المشاعر والأحاسيس المتحفزة والمتنوّعة إلى ضياع صوت العقل فتسبّب لصاحبها آلاماً نفسية وغضب غير مبرر أحياناً، ويؤدّي الى تشكل الخوف من القيام بأي رد فعل قد يندم الشخص عليه، فهذه الأحاسيس غالباً ما تكون رقيباً على الأفعال فيتوجه إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة.
لا تصدر الكلمات وعبارات من العقل دائماً، فبعض الكلمات وعبارات تصدر عند الانفعالات بشكل غريزي وبلا تفكير، لكن هذه الحالة ليست دائمة إن عمل الانسان على تجاوزها، فمن السهل تعلم طريقة التحكم بتلك الأحاسيس، وإليك بعض النصائح للتخلّص من تحكم مشاعرك بأفعالك، ولتقليص الآثار السلبية لهذه المشاعر والأحاسيس على شخصيتك وتصرفاتك ونفسيتك.
للتحكم في المشاعر والأحاسيس التي تزعجك وتبدو لك سلبية وهدّامة، يلزُمك في البداية أن تقبلها، وتتركها لتعبّر عن نفسها، فهي وسيلة تواصل مباشرة يستخدمها جسدك لنقل رسالة هامة عن نفسيتك الداخلية فتفهم منها أنّ التغيير ضروري للارتقاء بنفسك.
طرق ووسائل التحكم بالمشاعر
التحكم بالمشاعر القوية يكون عن طريق إدراك مدى حدود قدرتها، فالمشاعر القوية التي تتحكّم بتصرفاتك تقوم بتعتيم أفكارك، حتى تصير حاجزاً بينك وبين التفكير المنطقي، لكن تدبّر هذه المشاعر لا يعني دفنها وتجاهلها، فوفاة شخص عزيز أو شجار عنيف مثلاً سيتسبّب لك بلا شك برد فعل طبيعية، وسيتسبّب لك أيضاً بالقلق وعدم الارتياح وبالصدمة أيضاً، فيظل خيار إخفائها عائقاً، فتظل تُثقل على عقلك الباطن ووعيك فلا تستطيع اخفائها إلا بجهد، ولحل هذا الأمر عليك أن تكون موضوعياً، وتقبل وجود هذه المشاعر مهما كانت، هكذا ستُحَجِّم المشكلة بحجمها الطبيعي، فدع هدفك في هذه المرحلة الأولية التحليل وبدقة لآثار هذه المشاعر والتي خلَّفتها على سلوكِّك وتصرفاتك. اسأل نفسك عدة أسئلة مثل:
- هل تختلف تتصرفاتي بعد أن أشعر بهذه المشاعر؟
- هل تؤثر هذه المشاعر على ردود أفعالي وعلاقاتي الاجتماعية؟
- هل تغير مشاعري من أولويات حياتي اليومية؟
طرح هذه الأسئلة على نفسك هي الخطوة الأولى للتخلص من هذه المشاعر وتحكُّمها بك، فهي ستجعلك شكاكاً، وستتحرر تدريجياً من سطوة هذه المشاعر، التي ستعرقل إعمال العقل لو تجاهلتها.
إن التحكم في مشاعرك القوية يكون بالاستبطان العميق، فبعض الأحاسيس مطمورة ومخفيّة تنتظر عنصراً يثيرها لتطفو على السطح لتجتاحك من جديد، ولتدبر هذه المشاعر ما عليك إلا الغوص في غمار ذاتك ودراسة نفسيّتك وماضيك، وهنا ستعرف النبع الذي يغذّي مشاعرك الجياشة، وهدفك الآن ليس محاربة هذه الأحاسيس، بل تقبّلها لتفسح المجال لتشقّ الطريق لتبديد الضغط الناشئ من هذه الأحاسيس، فمهما كانت هذه المشاعر قوية، تذكّر أنّها ليست من صفاتك الشخصية الراسخة، هي فقط مشاعر عابرة كالسحاب.
تحكم في أحاسيسك القوية يكون عن طريق تحديد غايتها، حدّد غاياتك واجعلها نصب عينيك، فلا تنحصر داخل ذاتك فهذه المشاعر ستمنعك من استعادة السيطرة على تفاصيل حياتك، وستكبح مقومات النجاح لديك، تحكّم بمشاعرك السلبية لتحصل على السعادة، وأبق عقلك حاضراً لتتحكم بهذه المشاعر، وكن فضولياً في مراقبة انفعالاتك، ستفهم مع الوقت مشاعرك أكثر وبالأخص تلك الأكثر حميمية.
إنّ التحكم في أحاسيسك القوية يكون بأن تفسح لها المجال بوعي لتملي عليك بعض اختياراتك، فأحياناً ما تكون هذه المشاعر قوية فلا تستطيع كبحها أو التغلب عليها بكل الطرق، فلا تستطيع الحصول على إرادة حرة، فلا تترك هذه الأحاسيس تتحكم بك وتؤثر على قراراتك وتصرفاتك، يمكنك أن تبكي إن كانت لك رغبة قوية لذلك، وبُحْ بحزنك أو غضبك عن طريق الكتابة مثلاً، اأو كتب رسالة مليئة بالاستياءات لكن تأكد أن تحرقها في النهاية، ودع مشاعرك تعبر عن نفسها فهذا يمكن أن يكون الحل الجذري لتلك المشاعر.