مظهر الإنسان وجوهره
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن صورة وتقويم وكرّمه على كثيرٍ من خلقه، ومن مظاهر هذا التّكريم أن وهب الله البشر نعمة العقل الذي يميّزون به بين الأشياء ويدركون به ما هى اسباب الحياة، كما كان من بين النّعم الكثيرة أن جعل الله للإنسان القلب والفؤاد بما يحمله من مشاعر الحنان والرّحمة والرّأفة، فكلّ ما يميّز الإنسان سواء كان مظهراً أم جوهراً هو نعمة من الله على الإنسان وعليه شكرها، ولا شكّ في أنّ لمظهر الإنسان أهميّة في حياته، كما أنّ لجوهره ومعدنه وأخلاقه أهميّة كذلك، فتعرف على ما هى أهميّة المظهر؟ وتعرف على ما هى أهميّة الجوهر؟ وكيف يوفّق الإنسان بينهما؟
أهميّة المظهر
تنطلق أهميّة مظهر الإنسان من أنّه يعكس إلى حدٍ كبير شخصيّته وقيمه وأخلاقه، فالإنسان الذي يكون نظيفاً من داخله تراه يحبّ النّظافة في مظهره وشكله، والإنسان الذي يحبّ التّرتيب والتّنظيم تراه يحرص على اختيار وانتقاء ما يناسب من الثّياب، فالأعين مفطورةٌ على حبّ الجمال والزّينة، وبالتّالي يكون الإنسان الجميل الذي يحرص على الاعتناء بشعره وتسريحه والعناية بملابسه واختيار اللائق منها محطّ أنظار الناس وإعجابهم، وقد كان السّلف الصّالح وعلى الرّغم من بساطتهم وزهدهم يحبّون أن يأخذوا زينتهم على كلّ حالٍ، وخاصّة عند الذّهاب إلى الصّلاة وفي مواسم الأعياد.
أهميّة جوهر الإنسان
إنّ أهميّة جوهر الإنسان تأتي من أنّها تحدّد شخصيّته في الحياة وطريقة تعامله مع النّاس ومدى انضباطه والتزامه بالقيم والمبادئ والأخلاقيات، فالإنسان إذا وُجِدت عنده فضيلة الصدق كان صادقاً في تعاملاته مع الناس واستطاع أن يبني الثّقة معهم، وكذلك الحال مع كلّ الأخلاقياّت التي تعكس صورة الإنسان الحقيقيّة بدون تزييف، فالإنسان كما في الحكمة الشّهيرة مخبوء تحت لسانه الذي يعبّر عمّا بداخله من أحاسيس وقيم وانفعالات، وقد أكّد النّبي عليه الصّلاة والسّلام على أهميّة الجوهر حينما قال: (النّاس معادن كمعادن الذّهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)، فلكلّ إنسانٍ معدنه الذي يعبّر عن أصالته التي لا تتغير بتغير الأحوال والظروف.
التّوفيق بين المظهر والجوهر
ولا شكّ في أنّ الإنسان يجبّ أن يحرص على الاهتمام بجوهره أكثر من اهتمامه بمظهره الخارجي، ذلك لأنّ الله تعالى يحاسب النّاس على أعمالهم وينظر إلى قلوبهم وجوهرهم وصفاء سرائرهم ولا ينظر إلى صورهم الظّاهرة وألوانهم، فربّ امرئ بلغ الدّرجات العليا عند الله بعمله وإخلاصه ما لا يستطيع غيره من أصحاب المنصب والهيئة الحسنة بلوغها، كما أنّ على الإنسان أن يعكس بمظهره صورته الدّاخلية بحيث تتلاءم معها وتتوافق دون أن تتعارض، ففي الأثر عن سيّدنا عمر رضي الله عنه أنّه كان يرى الرّجل فيعجبه فإذا قيل لا حرفة له سقط من عينه.