في ظلّ التطوّر الكبير الذي شهدته الإنسانية على المستوى التقني في القرنين الأخيرين، لم يستطع البشر أن يستمروا في توظيف هذه التقنيات المستحدثة في كلّ تعرف ما هو نافع، فالغريزة الحيوانيّة كانت أقوى في بعض الأوقات؛ فقد حرص الإنسان على تطوير الأسلحة إلى جانب تطويره العقارات التي تقي من الأمراض، وفي هذا تناقض واضح بين الطبائع البشرية؛ إذ نجد من العلماء من هم أقرب إلى الملائكة منهم إلى الإنسان، وهم أولئك الّذين يسعون بكل ما آتاهم الله من قوة إلى أن يُحسِّنوا من طبيعة الحياة التي يحياها إخوانهم مهما كانت انتماءاتهم.
في الوقت الذي نجد فيه العديد من العلماء الآخرين ممّن يسعون إلى إحالة حياة الإنسان إلى جحيم دنيوي، وهؤلاء العلماء هم أقرب إلى الشيطان منهم إلى أي كائن آخر، فمن وظف التقنيات في إنتاج القنابل النووية، ومن أمر بإلقائها، ومن كانت لديه الجرأة ليلقيها كل هؤلاء قطعاً ليسوا أناساً أسوياء؛ إذ إنّهم لا يتوفَّرون على أدنى معاني الرحمة والإنسانية.
في ظل هذا التطور في صناعة الأسلحة، نجد أن الحروب أخذت منحى آخر، وأصبحت أكثر دموية، وراح ضحيّتها الملايين من البشر من مختلف مناطق العالم، ولعلَّ الحرب العالمية الثانية شهدت ذروة الانحطاط الأخلاقي الذي ضاعف من شدته تملُّك المجرمين لأسلحة مُدمِّرة كارثيَّة؛ لهذا وبعد النكبات المتتالية التي شهدتها البشرية أثناء الحروب، أخذت الصرخات الحقوقية بالتزايد، خاصَّة في ظل انعدام صوت الحق في العديد من مناطق العالم، وظهر لدينا ما يعرف عالميّاً بحقوق الإنسان، ولهذه الحقوق أهمية وفائدة كبيرة يجب أن يعيها من يظنّون أنها من المؤامرات، وفيما يلي بعض أهم النقاط التي تبرز جوانب أهمية وفائدة هذه الحقوق:
أهميّة حقوق الإنسان
- استطاعت حقوق الإنسان إيصال أصوات المعذّبين في كافة أصقاع المعمورة، حيث نالت هذه الفئة من الناس حقوقها كاملاً، مع العلم أنّه لا زال هناك ملايين البشر ممن يعانون من الاضطهاد وعلى رأسهم من يعانون من مجاعات في مجاهل القارة الأفريقية، والشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال الصهيوني، والشعب السوري المذبَّح والمُهجَّر، والشعب العراقي، والشعب الصومالي، والشعب اليمني.
- أعطت حقوق الإنسان القيمة للمرأة التي كانت تتعرض لأبشع حالات الاستغلال والتي لا زالت إلى يومنا هذا في بعض الأماكن والمواضع –لكن بطرق ووسائل قانونية-، وعندما نقول إنّ حقوق الإنسان أعطت للمرأة قيمتها، فهذا لا يضع الحقوق البشرية في موضع مقارنة مع الحقوق التي أعطتها الأديان السماوية، ولكن الزمن استطاع أن يجعل الإنسان يقارب روح النصوص الدينيّة بشكل أكبر.
- حقوق الطفل هي الأخرى تجلت بشكل أوضح، إلّا أنه أيضاً لا زال هناك عدد هائل من الأطفال الّذين يعانون من الاستغلال البشع، ومن الكوارث سواءً الطبيعية أو البشرية.
- استطاعت حقوق الإنسان أن تبرز الجرائم التي كانت ترتكب بحق الإنسانية بشكل أكبر، وبتحديد أكبر؛ فالعديد من الجرائم التي كانت ترتكب في القِدم لم يكن الناس يتورَّعون من القيام بها الأمر الذي كان يعد انتهاكاً صارخاً للإنسان.
- عملت حقوق الإنسان على حفظ كرامة الإنسان في كافّة أحواله، وخاصةً في أوقات الحرب، وفي المعتقلات والسجون.