اللغة العربيّة
تعتبر اللغة العربيّة من أشهر اللغات الموجودة والمنتشرة على نطاقٍ واسعٍ، ولعلّ سبب شهرتها الرئيسي أنّها لغة القرآن الكريم ذلك المعجزة الخالدة منذ أربعة عشر قرناً حتّى آخر الزمان، وعلى الرغم من أهميّتها إلّا أنّ كثيراً من الناس يجهلون أول من تكلم بهذه اللغة، وتطوّرها وبدايتها.
أوّل من تكلم اللغة العربيّة
اختلفت الروايات والأحاديث حول أول من تكلم باللغة العربيّة، فانقسمت الآراء إلى قسمين: قسم ذهب إلى أنّ نبيّ الله آدم عليه السلام هو أوّل من تكلم بالعربيّة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" والمقصود بالأسماء هنا اللغات، فاللغة مكوّنةٌ من أسماء، أي أنّ الله تعالى علّم آدم جميع اللغات ثمّ عرضها على الملائكة، وقسمٌ ذهب إلى أن إسماعيل عليه السلام كان أول من تكلم بالعربيّة، عندما كان مع أمه نسي لغة أباه العبرية وكان عمره أربع عشرة عاماً فألهمه الله النطق بالعربيّة، فكان أول من تكلم بها، ويؤيد ذلك حديث الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم: "أول من فتق لسانه بالعربيّة المبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة"، أمّا الرأي الأرجح بينهما، فهو الرأي الأول؛ لأنّ بعض الباحثين في الحديث أعتبروا حديث فتق لسان سيدنا إسماعيل عليه السلام ضعيفاً ولا يجب الأخذ به، وهنا يكون الأولى الأخذ بما جاء في كتاب الله تعالى.
تطوّر اللغة العربيّة
تعتبر الفترة التي نزل فيها القرآن الكريم، فترة ازدهار وتطور مهم للغة العربيّة، أوصلتها إلى درجة الرقي، فقد وحدّ القرآن الكريم كل اللهجات التي كانت منتشرة في شبه الجزيرة العربيّة، وأصبحت كلّها كلغة القرآن، بالإضافة إلى أن القرآن كان السبب الرئيسي في انتشار هذه اللغة في شتّى أنحاء العالم من خلال نشر الإسلام، فحلّت محل كثيرٍ من اللغات السائدة في ذلك الوقت.
كما نعلم فاللغة العربيّة لم تكن منقوطة، ولا مشكولة بالحركات، وظلت كذلك حتى استلم الأمويون الخلافة، ففي ذلك الوقت دخل كثيرٌ من الأعاجم في الإسلام، وتوسعت بقعة الدولة الإسلامية، كما أنّ التبادل التجاريّ ازدهر بشكلٍ كبير في ذلك العصر،والذي ترتب عليه اختلاط الشعوب فيما بينها، مما أدى إلى ظهور اللحن في الألسنة، فأصبح هناك خوفٌ كبيرٌ من أن يصل هذا اللحن إلى القرآن الكريم فيؤدّي إلى تحريف بعض كلماته، فظهر نظام التنقيط والتشكيل، فأصبحت اللغة محميةً من اللحن، وهذا تطوّرٌ آخرٌ للغة العربيّة عبر التاريخ، أمّا في العصر العباسي تطورت اللغة العربيّة مرةً أخرى، وكان لا بدّ من التواصل مع المسلمين من البلدان الأخرى فظهرت الترجمة في ذلك العصر، كما ظهرت علوم مختصة باللغة العربيّة: كالصرف، النحو، الأدب، البلاغة، المعاجم وغيرها.
استمرّ تطوّر اللغة العربيّة في العصور اللاحقة حتى العصر الحديث، فانقلبت الأمور على عكس ما كانت عليه، فبعد أن كانت الدولة الإسلاميّة قويّة، ومنتشرة بشكلٍ كبيرٍ، جاء الإستعمار في القرن السادس عشر، وليتمكّن المستعمرون من فرض سيطرتهم على العرب؛ قاموا بهدم اللغة العربيّة وذلك بفرض لغتهم الخاصة كلغةٍ رسميةٍ في البلاد التي يحتلونها، فضعفت اللغة العربيّة، وحلّ مكانها اللهجات المحليّة، وأصبح التحدث باللغة الفصحى مقصوراً فقط في المناسبات الرسمية، والتلفاز. لكن مع ذلك تبقى اللغة العربيّة مفهومةً ومعبرةً لجميع العرب مهما اختلفت لهجاتهم، مهما دخل اللحن في أسلوبهم.
مكانة اللغة العربيّة وخصائصها
للغة العربيّة مكانةٌ مهمةٌ عند العرب والمسلمين على حدٍ سواء، فهي لغة القرآن الكريم، والحديث الشريف، كما أنّ الصلاة لا تصحّ إّلا بها، كما أن عدد السكان العرب في الدول العربيّة يعطي مكانةً مهمةً للغة العربيّة بين اللغات الأخرى، ومن ناحيةٍ أخرى فهي اللغة الوحيدة التي توجد فيها ظاهرة الإعراب، والقدرة على الاشتقاق، ولكلّ حرفٍ فيها مخرجه الخاص،عدا عن فنون البلاغة والإيجاز.
تواجه اللغة العربيّة تحدياتٍ كثيرةٍ، حيث أخذت اللغات الأجنبية مكانها في كثير من الدول العربيّة، وأصبح لزاماً على الفرد أن يتحدث لغةً أجنبية حتى يتمكن من تحسين وضعه، دون الانتباه إلى اللغة العربيّة، كما أنّ اللهجات العاميّة أخذت تطغى على الفصحى، بل وأصبح هناك تعريب وإدخال لبعض الكلمات وعبارات العامية واستخدامها كأنها من الفصحى، وهي ليست من الفصحى في شيء، والخطر الأكبر يتمثل بإدخال لغات أجنبية في المناهج الدراسية وتعليمها للطلاب، ولكن مع ذلك تبقى اللغة العربيّة لغة القرآن الذي تعهد الله بحفظه حيث قال: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"؛ ولأنّها لغته فستبقى ما بقي القرآن الكريم محفوظةً بحفظه، مهما حاول الغرب طمس الهوية العربيّة.