اللغات
اللغات بقيت موضع نقاشٍ وبحث حول أصولها الفعليّة منذ قرون، وبسبب انعدام الدليل حول أصل اللغة كتعرف ما هو الحال مع الأشياء الملموسةِ الأخرى التي عثر على أحافير تحدد تاريخها، بناءاً على هذا الأمر فإنّ دراسة أصل اللغة مستخلص من استنتاجات أخرى من الأدلة كالأدلة الأثرية، وسجل الأحافير، والتنوّع اللغويّ المعاصر، وأيضاً عن طريق دراسة اكتساب اللغة وعملية المقارنة بين اللغات المختلفة المستخدمة من قبل البشر، وطرق ووسائل التواصل بين الحيوانات.
اتفق الباحثون بأنّ أصل اللغة يتّصل بصورة مباشرة بالسلوك الإنسانيّ، وأدّت محدوديّة الأدلّة لوضع تصنيف كامل من قبل الباحثين حول موضوع اللغة بأنّه غير قابل للدراسة الجادة، واعتبر موضوع اللغة أصعب مشكلة تواجه العلم.
نظريات أصل اللغة
- نظريات الاستمرارية، تستند هذه النظريات على فكرة التوصّل لنشأة اللغة معقدٌ جداً بحيث لا يستطيع أي أحد أن يتخيّل بأنّ اللغة قد نشأت من اللاشيء في شكلها النهائيّ، ويجب أن تكون قد ابتكرت من أنظمة غير لغويّة استخدمت من قبل القدماء الأولين.
- نظريات الانقطاع، تستند هذه النظريات على فكرةٍ مغايرة هي بأنّ اللغة تعتبر سمة فريدة لا يمكن أن تقارن بأيّ شيء وجد بين الكائنات الأخرى غير البشر، ومن هنا فإنّ ظهور اللغة كان مفاجئاً صاحب تطوّر الإنسان نفسه.
وجد بأنّ هناك تباين بين النظريات التي تعتقد بأنّ اللغة عبارة عن ملكة فطريّة مشفّرة وراثياً، وبين أخرى ترى بأنّ اللغة أساس نظام ثقافيّ تعلم من خلال التخالط والتفاعل الاجتماعيّ.
نظرية الانقطاع عند نعوم تشومسكي
نعوم تشومسكي، وهو أحد الدعاة البارزين لنظرية الانقطاع، يقول بأنّ تحوّلاً عرضياً واحداً قد حدث للبشر وذلك قبل مئة ألف عام تقريباً، عمل على إثارة الظهور الفوريّ للغة، كأحد مكوّنات الدماغ بصورةٍ مثاليّة أو قريباً من تلك المثالية، بحيث يكون النقاش الفلسفي كالتالي:
- أيّ تغيير بيولوجيّ لكائن ما، يظهر حين يبدأ أيّ تغيير عشوائي في فردٍ واحد، وهذا التغيير يتمّ انتشاره من خلال المجموعة التكاثريّة التي ينتمي لها الفرد، وهذا تعرف ما هو معروف عن النشوء.
- إن التغيير الوحيد اللازم، يكمن في القدرة المعرفيّة لتجهيز وبناء المعطيات، والتي تتكرّر في العقل - ميزة اللا نهائيّة التي يتفرّد بها الإنسان عن سائر المخلوقات - هذا من وجهة نظرٍ حسابيّة.
يرى تشومسكي بأنّ التغيير الجينيّ الذي يحدث للإنسان، قد منح عقله ميزة (اللانهائيّة المتمايزة)، بحيث إنّ هذا الأمر يساوي القدرة على الانتقال السريع من العدّ حتى رقمٍ ثابت، إلى العدّ إلى ما لا نهاية، بحيث إنّ قدرة البشر على اكتساب اللغة هي قدرة فجائيّة، فالقدرة على اكتساب اللغة أقرب إلى تكوين الكريستال، واللانهائيّة المتمايزة هي البذرة التي يتكوّن منها الكريستال في عقلٍ أوليّ خام على وشك التطور، إلى عقلٍ بشري متطور صغير لكن قوي.
ما زالت الدراسات والنظريات قائمة ومستمرّة من قبل غالبية الباحثين والعلماء للوصول إلى فهم لتطور اللغة رغم الاختلاف بالكيفيّة لهذا التطور، حيث يرى بعضهم بأنّ هذا التطوّر اللغوي هو تطور فطريّ بشكلٍ تدريجي، ويعتقد آخرون بأن تطور اللغة لم يأت نتيجة التواصل بل نتيجة الإدراك البشري، وهنا يعتبر الأمر أكثر تعقيداً، ومنهم من يعتقد بأن اللغة هي أداة تعلم وتواصل إجتماعي، وتتم على الأغلب عن طريق الصوت.