الترادف
خلق الله تعالى الشيء وخلق عكسه، فهناك الخير وهناك الشر، هناك الحياة والموت وغيرها من الأمثلة الأخرى، و لولا وجود هذه النواقض لما أحسسنا بقيمة الأحداث و المشاعرفي الحياة، لكن الغنى والثراء الفعلي يكمن في مرادفات الكلمات، فهناك الجنة والروضة، والكره والبغض وغيرها من الأمثلة الأخرى، ولكن بالرغم من ترادف بعض الكلمات وعبارات إلاّ أنها تخفي وراءها معانٍ عميقةٍ وتفاسير تجعل المرادف بشكل غريب يتحول إلى شيءٍ معاكس، وهنا تكمن روعة اللغة العربية، ومن الأمثلة على هذا الموضوع، هو الفرق بين كلمة "عام" وكلمة "سَنَة".
العام و السنَة
يتشابه تعريف ومعنى العام والسنة في اللغة وفي العلم أيضاً، فيتم تعريف ومعنى كلا المصطلحين على أنها الفترة والمدة الزمنية، والتي تمتد مش شهر كانون الثاني ولغاية كانون الأول، بمعدل 12 شهراً و365 يوماً وربع اليوم، وتمر خلال كل سنة أو عام أربعةُ فصول، وهي الخريف و الصيف والربيع والشتاء.
الفرق بين العام والسَنَة
إن الفرق بين العام والسنة لا يكمن فقط في كون العام كلمةً مذكرة والسنة هي مؤنثة، بل هناك فرق آخر قد تم توضيحه في القرآن الكريم وفي عدة مواضع وقصص، وهنا سأقدم لكم مثالاً من القرآن الكريم -و هو واحد من ضمن العديد من الأمثلة الواردة في القرآن- لتفسير هذا الفرق، حيث ذكر في سورة يوسف أنِّ ملك مصر قد رأى حلماً في منامه، وأراد أن يفسره، وعندما لم يستطع أن يفسره الحكماء والمستشارين عنده، دلّوه على سيدنا يوسف -عليه السلام- ، فقام الملك بقصِّ الرؤيا عليه، والذي رأى فيها سبع بقراتٍ سمان يأكلن سبع بقراتٍ نحيلات، كما ورأى سبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات، وعندما سمع سيدنا يوسف الرؤيا نصح الملك أن يقوم أهل مصر بالاستمرار بالزراعة لمدة سبع سنين متواصلة، لأنه سيكون هناك جفاف شديد في المنطقة، حيث قال "تزرعون سبع سنين دأباً".
وفي المقابل فقد قام سيدنا يوسف -عليه السلام- بتبشيرهم بأن هذا البلاء سيزول، ولن تستمر حالة الجفاف التي أدّت إلى نفاد المحصول، وسيكون هناك خير قادم، ووقت سيغاث فيه الناس وتفرج أمورهم، حيث قال:"عام فيه يغاث الناس"، فإن هذه الآية تدل على الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، وعلى دقته في اختيار المصطلحات والكلمات، ففي هاتين الآيتين، تبين الفرق الواضح ما بين كلمة عام و كلمة سنة؛ فالسنة هي الفترة التي تمر ويكون فيها ضيق وشر، والعام على عكس السنة، هي الفترة التي يكون فيها اليُسر والرخاء والراحة والفرج والخير.