جدول المحتويات
الحياة
لقد ميز الله عز وجل الإنسان عن غيره من مخلوقات الأرض بالعقل، وأمره بإعمار الأرض، والحياة فيها، وفق شريعته سبحانه وتعالى، ثم أمرنا بعبادته، وأنذرنا من عقابه، وكل ذلك يعني بأنّ الإنسان مخيّر في دنياه، وبالتالي هو الذي يتحكّم بنفسه وتصرفاته، في هذه الحياة، ولا يجب أن يجعل الحياة تتحكم فيه، وتوصله إلى الانحراف، أو التطرف، فيجب عليه أن يسيطر على حياته، ويتحكم بها كما يريد، فكيف يكون ذلك؟
طريقة السيطرة على الحياة
- الوسطية في الحياة: أن يكون الإنسان وسطياً في حياته هو نوع من أنواع السيطرة على الحياة، وذلك من خلال المأكل، والملبس، والعلاقات مع الناس، والتصرّف في المال، وفي جميع أمور الحياة، ففي علاقة الشخص مع الناس، وفي تعامله معهم، يجب مثلاً أن لا يرتبط معهم بشكل متواصل، ولا يقطعهم بتاتاً، ولا يأكل جميع ما يخطر بباله، ولا يُخفّف من طعامه حتى يشقّ على جسده، ولا يصرف المال هنا وهناك، وكذلك لا يبخل فيه، إذاً هي دعوة للوسطية في كل شيء بالحياة، فيمسك الشخص العصا من الوسط، في جميع الأحوال، وبهكذا يستطيع التحكّم بزمام الأمور، وبالتالي السيطرة على حياته.
- مواجهة المشكلات: على الشخص أن يتمتّع بصفة التحدّي، فلا يستسلم أمام المشكلات التي ستواجهه في حياته، بل يقف في مواجهتها، معلناً تحديها، ويالبحث عن حلّ للمشكلة، ولا يجعل الحياة تنتصر عليه من أوّل مشكلة تواجهه، فكيف يستطيع الشخص السيطرة على حياته، إن وقف مهزوماً أمام تحديات الحياة، وشخصيّة الإنسان تظهر عند الصعوبات، والتحديات، فلا بدّ من التحلّي بالقوّة، والشجاعة، والصبر للصمود أمامها.
- تحكيم العقل: يتوجب على الشخص أن يُحكم عقله في تسيير حياته، ولا يخضع لهواه، فكما ذكرنا في مستهل حديثنا بأن الله عز وجل يُحاسب الإنسان على تصرفاته في الدنيا كونه قد خلق له عقلاً يفكر من خلاله، ويستطيع التمييز بين الخير والشر، وبين الحلال والحرام، فلا بد للشخص من أن يفكر قبل أن يتكلم، وقبل أن يفعل، فلا يتسرّع، ولا يتردد، بل يحكم عقله، فيمتلك السيطرة، ولا يترك من حوله يسيطر عليه.
- اللجوء إلى الدين: إن الشريعة الإسلامية، هي نظام حياة، فكما خلق الله عز وجل الدنيا، فقد علمنا كيف نحياه، من خلال كلامه عز وجل في القرآن الكريم، وسنة نبيه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فمن يجعل القرآن الكريم خلقه، ومن يهتدي بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، لن تهزمه الحياة، بل سيتمكّن منها ويسيطر عليها، فيُعامل الناس بخلق الإسلام، ويحاول أن لا تزيد حاجته إليهم عن حدها، فالله تبارك وتعالى خالقهم، وهو الذي يستحق اللجوء إليه، وليس اللجوء إلى العبد، فيتحكّم العبد بالعبد، بل يجب على الجميع أن يلجأ إلى رب العالمين حيث قال: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين". (سورة غافر، الآية: 60).