تعريف ومعنى الاستعمار
يعرف الاستعمار على أنه دخول دولة ما إلى دولة أخرى أضعف منها، وإخضاع كل ما فيها لسيطرتها لتحقيق أهداف وغايات معينة. يقوم الاستعمار في أساسه على السرقة، والنهب، والقتل، والإفساد في الأرض، فكم وكم أهلك الاستعمار الحرث والنسل في بلدان لم تعرف يوما خبثا ولا مظلمة، وكم دمرت حضارات وسرقت كنوز من قبل أرباب الاستعمار بحجة تطوير البلدان المستعمرة والنهضة بأهاليها.
أهداف الاستعمار
تهدف الدول الاستعمارية إلى تحقيق العديد من الأهداف، ولعل أبرز هذه الأهداف الأهداف السياسية والتي تتمثل في بسط نفوذ الدولة القوية على أكبر قدر من بقاع العالم بغية تحسين موقعها كقوة ولاعب رئيسي وأساسي على الساحة الدولية، كما ويهدف الاستعمار أيضا إلى سلب ونهب ثروات البلاد وخيراتها كالمواد الخام، والماء، والثروات المعدنية، والثروات الزراعية، وغيرها، وإلى ربط شعوب الدول الخاضعة لها بها من خلال بث السموم في وعيها بغية إعادة تشكيل ثقافتها وربما أيضا إبعادها عن القيم الجميلة التي كانت تمتلكها.
من الأهداف الواضحة للاستعمار أيضا تخفيف الضغط السكاني الموجود في أراضي الدول المستعمرة، من خلال نقل عدد من سكانها إلى المناطق الجديدة الخاضعة لسيطرتها، وأخيرا تهدف بعض الحملات الاستعمارية إلى نشر أيديولوجية أو معتقد ديني معين ليس خدمة للمعتقد الديني أو للفكرة المتبناة، وإنما خدمة للمطامع والأهداف التي ذكرت سابقا.
الاستعمار في القرنين التاسع عشر والعشرين
ازداد نشاط الدول الكبيرة والعظمى في هذه الفترة من تاريخ الإنسانية؛ حيث عملت على تسخير كامل طاقاتها العسكرية والاقتصادية في إحكام سيطرتها على مناطق العالم الضعيفة آنذاك، وقد اتبعت هذه الدول وسائل دنيئة من أجل تحقيق غاياتها وأطماعها منها: تمزيق الدول الكبيرة والضعيفة إلى دول صغيرة متناحرة، وبث الأفكار الهدامة من أجل إثارة الشغب وإدخال السموم إلى الوعي الجمعي، عدا عن القتل والتعذيب الجائرين بحق المقاومين من سكان البلاد المستعمرة.
شكل الاستعمار في هذين القرنين ظاهرة سياسية خطيرة جدا، استطاعت من خلالها الدولة المستعمرة أن تطبق الخناق على الدول الخاضعة لسيطرتها، مما ترك آثارا سلبية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا؛ فالدول التي كانت خاضعة لقوى الاستعمار فيما مضى لا تزال إلى اليوم متأثرة ثقافيا بهذه الدول؛ فنجد مثلا أن اللغة الفرنسية تعتبر لغة رسمية أو شبه رسمية في بعض الدول التي كانت خاضعة لفرنسا، كما ونجد أن الدول الاستعمارية الكبرى استفادت الشيء الكثير من استعمارها للدول الضعيفة، ويمكن القول إنها لا زالت هي المستفيدة حتى يومنا هذا كاستفادتها من تلك القطع الأثرية التي سرقت ونهبت من الدول المستعمرة لتعرض في المتاحف والمعارض الغربية.
