الكتابة
الكتابة هي عبارة عن إعادة لترميز لغة النطق بشكل خطي على ورق، عن طريق أشكال مترابطة ببعضها البعض وفق نظام وقانون معين اتفق عليه علماء اللغة سابقا، ويعتبر كل شكل من الأشكال المكتوبة يقابله صوت لغوي يشير إليه، والهدف منه نقل آراء الكاتب وأفكاره واحتياجاته ومشاعره إلى الآخرين.
تتضمن الكتابة عددا من المهارات اللازمة لجودة ووضوح التعبير والتعلم والتواصل، وهي عبارة عن وسيط يوظفه الكاتب لنقل رؤياه وأفكاره ومشاعره إلى الآخرين، وهي وسيلة تواصل واتصال مع الآخرين مهما بعدت المسافة، ويعتبر النص المكتوب وسيلة تفاعل غاية قي الأهمية وفائدة ان تم استغلالها بشكل حسن، وبالتالي توظيفها في عملية التعليم الذاتي والتفاعل في المحيط الاجتماعي.
الكتابة هي عبارة عن فعل أو حركة تقوم اليد بها، ويتحكم الدماغ بها – بما يحتويه من حصيلة معرفية – بحيث تتطلب هذه العملية التدريب والممارسة للوصول إلى درجة الإتقان، ويجب أن يحاذيها إتقان مهارات الفهم والتفكير والاستيعاب، والقدرة على معالجة المعلومات.
ثقافة العصر الحديث ومفهوم وتعريف ومعنى الكتابة
لم تعد الكتابة في الآونة الأخيرة مجرد وسيلة وأداة للتواصل كما عرفتها قواميس اللغة، إضافة لتعرف ما هو متعارف عليه في الأوساط الشعبية والاجتماعية، فقد أصبحت عبارة عن مفهوم وتعريف ومعنى في المعرفة الحديثة.
يعرف هذا المفهوم وتعريف ومعنى على أنه التجريد الذي يرتبط في أساسه للتأمل الفلسفي المثير للإشكاليات والذي يضع الأسئلة والاستفسارات المختلفة حول هذه المفردة سواء على المستوى الاجتماعي أو التاريخي أو الأنثربولوجي، بفعل كل ما ذكر تحول هذا العمل أو الجهد إلى إلى أحد فروع المعرفة الفلسفية المستقلة بحد ذاتها والذي أطلق عليه مصطلح الغراماتولوجيا أو علم الكتابة.
قام عدد من الفلاسفة بإثارة هذا الأمر في الفلسفة الغربية، لكن لم يتمكنوا من تحويل الكتابة إلى مقترح من قبل الفلاسفة، ومن هؤلاء الفلاسفة رولان بارت وموريس بلاشو وغيرهم، لكنهم في المقابل نجحوا بتمهيد الطريق للفيلسوف جاك دريدا الذي تمكن من الوصول بعيدا في عملية التأمل في هذه المفردة بطريقة فلسفية.
ومن هنا فإن الكتابة تحولت إلى خلاصة في طريقة وآلية التفكير القائمة على التأمل والنظر في الكون والحياة والعالم وما تحويه من قيم مادية وميتافيزيقية تشترك في صناعتها البشرية بأكملها.
أما في الفكر العربي الإسلامي فإنه لم يتوصل حتى يومنا هذا إلى هذه الخلاصة، لأنه لم يطرح المفردة كتأمل فلسفي مستقل بحد ذاته عن غيره من المسائل الكبرى التي تطرحها الفلسفة التقليدية، لكن هذ الأمر لم يقف عائقا بتأثر عدد من المفكرين العرب الذين تأثروا بالفكر الغربي وأبدوا اهتماما بهذا الجانب، وقاموا بالعودة إلى التراث العربي والإسلامي في محاولة منهم للتنقيب عن القيم المنوعة لهذا المفهوم وتعريف ومعنى الذي تصوره العديد من المفكرين العرب والمسلمين الأوائل على أنه صنف من صنوف المعرفة في مجمل كتاباتهم.