الذكاء
لقد صار الذكاء أحد الصفات التي نحكم من خلالها على الناس، فنقوم بتصنيف الناس إلى أذكياء ومتوسطي الذكاء وآخرين ينعتون بالغباء، ولكن هل هذا التصنيف يعد صحيحا؟ وبما أن البشر الأصحاء الذين لا يمتلكون أي أمراض خلقية يولدون سواء، فطريقة كيف يمكن أن يوجد أشخاص أذكياء وآخرون أقل ذكاء؟
لهذا علينا في البداية معرفة التعريف ومعنى الصحيح للذكاء، ولكن وفي الواقع لا يوجد تعريف ومعنى محدد حتى الآن للذكاء في العالم، فطريقة كيف لنا أن نصنف الناس إلى أذكياء وغير ذلك ونحن لم نمتلك حتى الآن تعريفا شاملا وصحيحا للذكاء، فقد تم اقتراح العديد من التعاريف المختلفة للذكاء إلا أنه لم يتم الاتفاق بعد على أي منها، ولكن ما تم الاتفاق عليه هو أن الذكاء لا يقتصر فقط على المعرفة العلمية والتي نقوم بتصنيف الناس على أساسها، فنصف الطالب في المراحل الدراسية على سبيل المثال بالذكاء لحصوله على معدل مرتفع، والآخرين بالغباء لحصولهم على معدلات أقل.
أنواع الذكاء
فإن ما اتفق عليه العلماء في الوقت الحالي يوضح وجود جوانب عدة للذكاء، فتختلف صورة الذكاء من شخص إلى آخر، فبالرغم من كون العمليات العقلية جميعها أي جميع أنواع الذكاء تتضمن التخطيط، والتحليل، والاستنتاج، والملاحظة للأمور وغيرها، إلا أن طريقة استخدامها والجانب الذي يتم توظيفه فيه يختلف من إنسان إلى آخر، فيستطيع على سبيل المثال بعض الأشخاص تحليل الأحداث الرياضية، بينما يستطيع آخرون تحليل الأحداث السياسية، وآخرون المعادلات الرياضية، ولهذا فإن كل إنسان يعد ذكيا من ناحيته المميزة، ولهذا فعلينا إلغاء كلمة الغباء من لائحة الكلمات وعبارات لدينا؛ لأن كل إنسان يعتبر ذكيا في جانب معين وأقل ذكاء في الجوانب الأخرى، فعلى سبيل المثال يعتبر الأطباء من أذكى الناس بحسب وصف المجتمع لهم، إلا أن هؤلاء الأطباء قد يواجهون صعوبات كبيرة عند تعلم أمور أخرى، فقد يكون بعضهم أقل ذكاء في الرياضة، وآخرون أقل ذكاء في الرسم، وغيرهم أقل ذكاء من الناحية الاجتماعية، فقد نرى العديد من الأطباء ممن يكونون مبدعين كأطباء إلا أنهم لا ينجحون كآخرين لعدم قدرتهم على الحديث ولأنهم أقل ذكاء من ناحية اجتماعية.
إن الذكاء لدى الإنسان كان وما زال مجالا واسعا للبحث لدى العلماء وخاصة لمعرفة مصدر الذكاء لدى الإنسان، واكتشف العلماء أن عمليات التفكير والذكاء لدى الإنسان تتأثر بالجينات المختلفة لكل شخص، ولهذا قد تجد في كثير من الاحيان أن ميول الأولاد وطريقتهم في التفكير تكون مشابهة لأبويهم منذ الصغر، ولكن لم يستطع العلماء تحديد الجينات المسؤولة عن الذكاء وعزلها عن باقي الجينات، ولكن الجينات ليست هي المسؤول الوحيد عن الذكاء لدى الإنسان، فلا يمكن عزل الجينات على الإطلاق عن البيئة التي ينمو بها الشخص، فيختلف الذكاء باختلاف محيط الشخص الذي تربى فيها فيشير معظم العلماء إلى أن مقدار التأثير ونتائج على الذكاء بين الجينات والبيئة هو متساو تقريبا.
تنمية الذكاء
لكي يكون الإنسان ذكيا بطريقته الخاصة فإن عليه أن يكتشف في البداية نوعية الذكاء التي يمتلكها، ولا يتطلب هذا الأمر القيام بفحوصات أو غيرها لاكتشافها، فيستطيع الجميع ملاحظة ميول الأطفال منذ الصغر فنجد أحدهم يميل إلى القراءة، وآخرين إلى التفاعل مع الأصدقاء وآخرين للرياضة وآخرين للحاسوب، وأظن أن احسن وأفضل شخص لكي يعرف قدراتك هو أنت، إذ إن كل شخص يعلم ما يميل إليه سواء كان هذا الميول للرياضة أو العلوم أو غيرها، ويعلم ما يبدع به أيضا.
أما عندما يعلم شخص ما ما يبدع به فإن الأمر الآخر الذي يحتاج إليه لكي يزيد ذكاءه هو أن ينميه عن طريق التدريب والقراءة المستمر والعمل المستمر في الحرفة التي يبدع بها، فقد وجد العلماء أنه لكي تتقن الحرفة التي تريدها فإنك تحتاج إلى ما لا يقل عن عشر آلاف ساعة من التدريب على تلك الحرفة، وهذا مجهود عظيم عليك أن تبذله، سواء كان ذكاؤك في الجانب العلمي أم اللغوي أم الرياضي أو للموسيقى أو غيرها.