القدس
القدس الشريف يعتبر تاريخا عظيما حافلا بالذكريات التي تبعث المجد إلى النفس كما تبعث الريح أنفاس الخزامى، وللقدس مكانتها المرموقة بين مدن العالم لأهميتها الدينية والتاريخية والأثرية، لذلك إليكم اجمل وافضل الأبيات الشعرية التي كتبت عن القدس.
شعر في القدس
من جميل القصائد الشعرية التي قيلت في القدس، اخترنا لكم ما يأتي:
القدس
نزار قباني
بكيت.. حتى انتهت الدموع
صليت.. حتى ذابت الشموع
ركعت.. حتى ملني الركوع
سألت عن محمد، فيك وعن يسوع
يا قدس، يا مدينة تفوح أنبياء
يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء
يا قدس، يا منارة الشرائع
يا طفلة جميلة محروقة الأصابع
حزينة عيناك، يا مدينة البتول
يا واحة ظليلة مر بها الرسول
حزينة حجارة الشوارع
حزينة مآذن الجوامع
يا قدس، يا جميلة تلتف بالسواد
من يقرع الأجراس في كنيسة القيامة؟
صبيحة الآحاد..
من يحمل الألعاب للأولاد؟
في ليلة الميلاد..
يا قدس، يا مدينة الأحزان
يا دمعة كبيرة تجول في الأجفان
من يوقف الحجارة يا بلدي
من يوقف العدوان يا بلدي؟
عليك، يا لؤلؤة الأديان
من يغسل الدماء عن حجارة الجدران؟
من ينقذ الإنجيل؟
من ينقذ القرآن؟
من ينقذ المسيح ممن قتلوا المسيح؟
من ينقذ الإنسان؟
يا قدس.. يا مدينتي
يا قدس.. يا حبيبتي
غدا.. غدا.. سيزهر الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون
وتضحك العيون..
وترجع الحمائم المهاجرة..
إلى السقوف الطاهرة
ويرجع الأطفال يلعبون
ويلتقي الآباء والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون.
لك في القلوب منازل ورحاب
لك في القلوب منازل ورحاب
يا قدس أنت الحب والأحباب
لي فيـك أقدار ولي دار ولـي
أرض ولي أهــل ولــي أنسـاب
لي المسجد الأقصى ولي ساحاته
والمنبر المغدور والمحراب
لي سفر تاريخ أضاء سطوره
مجدا صلاح الدين والخطاب
لي ذكريات لي أمان لي رؤى
لي فيك غاليتي صبا وشباب
لي فيـك أحلام وبعدك تنتهي
الأحــلام بعدك تقفر الألبـــاب
تاريخ شعبي في حماك مســطر
شــهدت عليه مـآذن وقبــــاب
يا قدس
يا قدس ما لي أرى في العين أسئلة
على بحار من الأمواج تحملني
ما لي أرى قسمات الوجه شاحبة
وقد علتها جراح البؤس والوهن
وفوق سورك أحجار وأتربة
صب الزمان عليها أبشع المحن
أرنو إليها ولا أدري أتعرفني
أم أنها مع دجى الأيام تنكرني
وكنت قبل تجافينا أعانقها
دوما وأشبعها لثما وتشبعني
واليوم شاد عليها البوم منزله
وصرت فيها غريبا دونما سكن
فهل تعود ليالينا التي سلفت؟
وهل تموت بنا الشكوى من الزمن؟
وهل أراك برغم القهر مشرقة؟
وقد توارى الضنى عن وجهك الحسن؟
فألثم الثغر والأشواق تغمرني
ومن فؤادك نار الحب تحرقني
وأنظم الشعر بعد الوصل مبتهجا
وفرحتي بك فوق الغيم تنقلني
أنا أحبك يا محبوبتي أبدا
وحبك العذب يحييني ويسعدني
فطريقة كيف أحيا بدون القدس ثانية؟
وطريقة كيف أهدأ والهجران يسحقني؟
أنا السفين وأنت البحر ملهمتي
فطريقة كيف تمضي بلا ماء إذا سفني؟
يا قدسي
عبدالرحمن العشماوي
ما كل من نطقوا الحروف أبانوا
فلقد يذوب بما يقول لسان
لغة الوفاء شريفة كلماتها
فيها عن الحب الأصيل بيان
يسمو بها صدق الشعور إلى الذرا
ويزف عطر حروفها الوجدان
لغة ترقرق في النفوس جمالها
وتألقت بجلالها الأذهان
يجري بها شعري إليكم مثلما
يجري إلى المتفضل العرفان
لغة الوفاء، ومن يجيد حروفها
إلا الخبير الحاذق الفنان؟
أرسلتها شعرا يحاط بموكب
من لهفتي، وتزفه الألحان
ويزفه صدق الشعور وإنما
بالصدق يرفع نفسه الإنسان
أرسلت شعري والسفينة لم تزل
في البحر، حار بأمرها الربان
والقدس أرملة يلفعها الأسى
وتميت بهجة قلبها الأحزان
شلال أدمعها على دفقاته
ثار البخار فغامت الأجفان
حسناء صبحها العدو بمدفع
تهوي على طلقاته الأركان
أدمى محاجرها الرصاص ولم تزل
شماء ضاق بصبرها العدوان
لقى إليها السامري بعجله
وبذات أنواط زها الشيطان
نسي المكابر أن عجل ضلاله
سيذوب حين تمسه النيران
حسناء، داهمها الشتاء، ودارها
مهدومة، ورضيعها عريان
وضجيج غارات العدو يزيدها
فزعا تضاعف عنده الخفقان
بالأمس ودعها ابنها وحليلها
وابن اختها وصديقه حسان
واليوم صبحت المدافع حيها
بلهيبها، فتفرق الجيران
باتت بلا زوج ولا إبن ولا
جار يصون جوارها ويصان
يا ويحها ملكت كنوزا جمة
وتبيت يعصر قلبها الحرمان
تستطعم الجار الفقير عشاءها
ومتى سيطعم غيره الجوعان
صارت محطمة الرجاء، وإنما
برجائه يتقوت الإنسان
يا قدس يا حسناء طال فراقنا
وتلاعبت بقلوبنا الأشجان
من أين نأتي، والحواجز بيننا:
ضعف وفرقة أمة وهوان؟
من أين نأتي، والعدو بخيله
وبرجله، متحفز يقظان؟
ويد العروبة رجفة ممدودة
للمعتدي وإشارة وبنان؟
ودعاة كل تقدم قد أصبحوا
متأخرين، ثيابهم أدران
متحدثون يثرثرون أشدهم
وعيا صريع للهوى حيران
رفعوا شعار تقدم، ودليلهم
لينين أو ميشيل أو كاهان
ومن التقدم ما يكون تخلفا
لما يكون شعاره العصيان
أين الذين تلثموا بوعودهم
أين الذين توددوا وألانوا؟
لما تزاحمت الحوائج أصبحوا
كرؤى السراب تضمها القيعان
كرؤى السراب، فما يؤمل تائه
منها، وماذا يطلب الظمآن؟
يا قدس، وانتفض الخليل وغزة
والضفتان وتاقت الجولان
وتلفت الأقصى، وفي نظراته
ألم وفي ساحاته غليان
يا قدس، وانبهر النداء ولم يزل
للجرح فيها جذوة ودخان
يا قدس، وانكسرت على أهدابها
نظراتها وتراخت الأجفان
يا قدس، وانحسر اللثام فلاح لي
قمر يدنس وجهه استيطان
ورأيت طوفان الأسى يجتاحها
ولقد يكون من الأسى الطوفان
كادت تفارق من تحب ويختفي
عن ناظريها العطف والتحنان
لولا نسائم من عطاء أحبة
رسموا الوفاء ببذلهم وأعانوا
سعدت بما بذلوا، وفوق لسانها
نبت الدعاء وأورق الشكران
لكأنني بالقدس تسأل نفسها
من أين هذا الهاطل الهتان؟
من أين هذا البذل، ما هذا الندى
يهمي علي، ومن هم الأعوان؟
هذا سؤال القدس وهي جريحة
تشكو، فطريقة كيف نجيب يا سلمان؟
ستقول، أو سأقول، ما هذا الندى
إلا عطاء ساقه المنان
هذا الندى، بذل الذين قلوبهم
بوفائها وحنانها تزدان
أبناء هذي الأرض فيها أشرقت
حقب الزمان، وأنزل القرآن
صنعوا وشاح المجد من إيمانهم
نعم الوشاح ونعمت الألوان
وتشرف التاريخ حين سمت به
أخبارهم، وتوالت الأزمان
في أرضنا للناس أكبر شاهد
دين ودنيا، نعمة وأمان
هي دوحة ضم الحجاز جذورها
ومن الرياض امتدت الأغصان
الأصل مكة، والمهاجر طيبة
والقدس روض عراقة فينان
شيم العروبة تلتقي بعقيدة
فيفيض منها البذل والإحسان
للقدس عمق في مشاعر أرضنا
شهدت به الآكام والكثبان
شهدت به آثار هاجر حينما
أصغت لصوت رضيعها الوديان
شهدت به البطحاء وهي ترى
الثرى يهتز حتى سالت الحلجان
ودعاء إبراهيم ينشر عطره
في الخافقين، وقلبه اطمئنان
هذي الوشائج بين مهبط وحينا
والمسجد الأقصى هي العنوان
هو قبلة أولى لأمتنا التي
ختمت بدين نبيها الأديان
أو لم يقل عبدالعزيز وقد رأى
طريقة كيف التقى الأحبار والرهبان
وأقام بلفور الهياكل كلها
للغاصبين وزمجر البركان
وتنمر الباغي وفي أعماقه
حقد، له في صدره هيجان
وتقاطرت من كل صوب أنفس
منها يفوح البغي والطغيان
وفدوا إلى القدس الشريف، شعارهم
طرد الأصيل لتخلو الأوطان
وفد اليهود أمامهم أحقادهم
ووراءهم تتحفر الصلبان
أو لم يقل عبدالعزيز، وذهنه
متوقد، ولرأيه رجحان
وحسام توحيد الجزيرة لم يزل
رطبا، يفوح بمسكه الميدان
في حينها نفض الغبار وسجلت
عزماته الدهناء والصمان
أو لم يقل، وهو الخبير وإنما
بالخبرة العظمى يقوم كيان:
مدوا يد البذل الصحيحة وادعموا
شعب الإباء فإنهم فرسان
شعب، فلسطين العزيزة أنبتت
فيه الإباء فلم يصبه هوان
شعب إذا ذكر الفداء بدا له
عزم ورأي ثاقب وسنان
شعب إذا اشتدت عليه مصيبة
فالخاسران اليأس والخذلان
لا تخرجوهم من مكامن أرضهم
فخروجهم من أرضهم خسران
هي حكمة بدوية ما أدركت
أبعادها في حينها الأذهان
يا قدس لا تأسي ففي أجفاننا
ظل الحبيب، وفي القلوب جنان
من يخدم الحرمين يأنف أن يرى
أقصاك في صلف اليهود يهان
يا قدس صبرا فانتصارك قادم
واللص يا بلد الفداء جبان
حجر الصغير رسالة نقلت على
ثغر الشموخ فأصغت الأكوان
ياقدس، وانبثق الضياء وغردت
أطيارها وتأنق البستان
يا قدس، والتفتت إلي وأقسمت
وبربنا لا تحنث الأيمان
والله لن يجتاز بي بحر الأسى
إلا قلوب زادها القرآن
سجل أنا القدس
أيمن اللبدي
سجل أنا القدس
أنا أرض النبوات
أنا زهر المدارات
أنا درر المدائن والقلوب الغضبة الحية
أنا للمجد عنوان و أهدابي عربية
أنا درب البطولات
أنا باب الحضارات
وأشرق في جبين الشمس أغنية سماوية
وأعلو فوق هام الكون ملحمة فدائية
أنا القدس
أنا القدس
سجل أنا القدس
أنا الأنوار مشرعة
أنا للغاصب النيران محرقة
أنا التاريخ والأمجاد والحاضر
أنا الأسوار أنشودة
أنا عربية حرة
أنا أسطورة الثورة
أنا الأنسان
أنا الأحزان
لكن ليس تقتلني
أنا في كف طفل خاض ملحمة ليبلغني
أنا في رجع زغرودة
لأم قدمت شهداء واندفعت إلى اللهب
أنا القدس
أنا القدس
سجل أنا القدس
أنا في عتمة الليل قناديل لأولادي
وأطبع فوق وجنات الفدا قبلة
وأحمل بين أضلاعي لهم غنوة
تعالوا يا أحبائي
فإني قد أقمت اليوم أعيادي
تعالوا مثلما الرعد
تعالوا مثلما البركان
تعالوا مثلما الطوفان
تعالوا نزرع الوردة
تعالوا نصنع العودة
أنا القدس.
إلى القدس
هاشم هارون رشيد
أجل إني من القدس
وفيها قد نما غرسي
جذوري في عروق الصخر
في الصلد، وفي الملس
ومن كنعان بي نبض
ومن عدنان، من قيس
من الماضي، من الحاضر
من يومي، ومن أمسي
عريق المجد والأنساب
مشدود إلى الشمس
بها أختال في الدنيا
وأمشي رافع الرأس
أنا أعطيتها عمري
فدى، أسكنتها حسي
أنا غنيتها شعرا
رفيع الوقع والجرس
أنا منها وإن غرقت
ببحر الهم والبؤس
أنا منها وإن حطت
عليها راية البؤس
دمي هذا الذي يجري
لها متدفق البجس
أنا منها وأفديها
أنا بالمال والنفس
ولا أرضى لها ذلا
لمحتل ومندس
هي القدس وكم ردت
من الرومان والفرس
وكم في خاطر التاريخ
من قول ومن حدس
عن القدس، وهل أسمى
وهل أزهى من القدس
القدس والساعة
راشد حسين
كانت الساعة في القدس: قتيلا
جريحا
ودقيقه
كانت الساعة: طفلا
سرق النابالم رجليه
ولما ظل يمشي
سرقوا حتى طريقه
كانت الساعة صفرا عربيا
كانت الساعة ميلاد الحقيقه
دقت الساعة .. دقت
دقت الساعة! لكن ...
كان رب الشعب في البار يصلي
لعشيقه
ثم يهديها دم الناس ورودا
شربت عطرا وأصباغـا ولكن
لم يشرفها تراب في حديقه
كانت الساعة أصفارا كبارا
كانت الساعة ميلاد الحقيقه
كانت الساعة .. أن تنبت
للأشجار
الأحجار
والأزهار
والماء
أظافر
كانت الساعة أن يحبل مليون رجل
علنا نرزق فكره
علنا نرزق ثوره
كانت الساعة ... كانت
كانت الساعة: عاقر
صارت الساعة في القدس ... عذارى
في ثوان حبلت
في ثوان ولدت
في ثوان .. صارت الساعة في القدس
نضالا ودقيقه.
دقت الساعة ... دقت
بكت الساعة حبا .. وعذابا وتمنت
وإذا الطفل الذي من دون رجلين
على كفيه يمشي
وعلى عينيه يمشي
حاملا حلما وخبزا وسلاما – لمقاوم
هامسا أبسط ما صلاه طفل:
"قتلوا رجلي واغتالوا طريقي
ولهذا ....
لم يعد لي غير أن أبقى هنا
حتى ولوقبرا .... يقاوم"
دقت الساعة ... دقت
ثم دقت
ثم دقت
دقت الساعة دقات أخيره
ثم ماتت ...
لم تعد بالقدس للساعات حاجه
حطمت ساعاتهم بنت صغيره
عمرها مائة مليون معذب
أمة رغما عن
التخدير
والأفيون
يوما سوف تغضب
ولهذا...
كلما مرت بمحتلي عيون
القدس
طفلة... بنت صغيره
فتشت أعينهم , آلاتهم
في صدرها
في رحمها
في عقلها ... عن قنبله.
وإذا لم يجدوا شيئا أصروا :
"هذه البنت الصغيره
ولدت في القدس
والمولود في القدس
سيضحي قنبله
صدقوا ... المولود في ظل القنابل
سوف يضحي قنبله"