استأذن الهدهد على سيدنا سليمان عليه الصلاة و السلام من بعد أن غاب عنه فترة ليست بالبعيدة ، فقد جاء الهدهد سليمان بخبر يقين من بلاد سبأ في اليمن ، فقد حط رحاله في بلادهم فوجد أمرا عجبا لم يره من قبل ، فقد وجد قوما تملكهم إمرأة لها ملك عظيم و عرش مهيب يأتيها الخدام بما تشتهيه و تطلبه ، و قد كانت و قومها يعبدون الشمس من دون الله فقد توارثوا ذلك عن آبائهم فاستمروا على ضلالهم ، فقرر سيدنا سليمان من بعد أن سمع الخبر أن يرسل إليها كتابا يأمرهم فيه بالخضوع لدين الله سبحانه دين التوحيد و عدم عصيان ذلك ، و صل الكتاب عن طريق الهدهد إلى بلقيس الملكة فقرأته و تعجبت من حسن ألفاظه و ابتدائه بلفظ الجلالة و البسملة و لكن ما أزعجها هو طلب سيدنا سليمان منها و من قومها الخضوع لدين الله .
احتارت بلقيس الملكة الحكيمة في أمرها و قررت أن تسمع لرأي مستشاريها الذين اختارتهم من علية قومها و من حكماء أفراد حاشيتها ، أشار القوم بعد تفكر عليها بعدم الرضوخ مفتخرين بأنهم أصحاب قوة و بأس شديد و وضعوا الأمر بين يديها و الفصل لها ، تفكرت بلقيس في أمرها ثم قالت إن الملوك و كما عهدناهم إذا دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة و كذلك يفعلون ، و قررت بلقيس إرسال هدية لعلها تستميل فريق سيدنا سليمان عليه السلام ، و قد كانت الهدية ثمينة جدا و لكن سيدنا سليمان لم يكن ينظر لذلك بل كان همه دين الله وحده و نشره في أرجاء المعمورة .
عندما وصلت الهدية لسيدنا سليمان لم تحرك فيه ساكنا بل حركت مشاعر الإيمان و الخشية فيه و لسان حاله يردد ما آتاني الله خير مما آتاكم ، و توعدهم بإرسال جيش عظيم لهم يخرجهم من أرضهم أذلة صاغرين ، و طلب سيدنا سليمان من حاشيته أن يأتوه بعرشها فتنافس القوم فقام عفريت من الجن و تحدى بأن يأتي به قبل أن يقوم سيدنا سليمان من مقامه ، و تحدى رجل علم مقرب من سليمان و قال أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ، فرآه مستقرا أمامه بفضل الله ، ثم جاءت بلقيس مسلمة إلى سليمان و دخلت الصرح الذي بني من زجاج فحسبته بحرا و أمواجا تتلاطم فرأت من الآيات و الملك ما لم تره من قبل و أسلمت مع سليمان لله لرب العالمين .