جابر عثرات الكرام

جابر عثرات الكرام

هي قصة جميلة من قصص تاريخنا الإسلامي هذه القصة التي سنعيش معها هذه اللحظات من أمتع القصص ؛ و أجملها ، فقد حوت بين طيات أحداثها صفحات و لا أروع من النخوة ؛ و من عزة النفس ؛ و من الكرامة ؛ و من الوفاء ، و هي تعطينا نموذجا عما كانت عليه أخلاق المسلمين في غابر أيامهم ، و بالتالي تستنهضنا لنحيي هذه المآثر في واقعنا الراهن .


و السبيل : أن يكون تفكيرنا منطلقا من الحكم الشرعي ؛ لا من النفس و العادات والهوى و الذات ، و أن يكون سلوكنا ترجمة لهذا التفكير ؛ و عملا بهذه الأحكام . أبطال هذه القصة :

أما أبطال هذه القصة الذين شكلوا محاورها الأساسية فهم :

1 – خزيمة بن بشر : الكريم الممتحن .

2 – عكرمة الفياض : جابر عثرات الكرام .

3 - زوجة عكرمة : الغيورة الذكية .

4 – سليمان بن عبد الملك : العارف بأقدار الرجال .


و هذه معالم قصتنا :


ان في زمن سليمان بن عبدالملك رجل من بني أسد يقال له : خزيمة بن بشر ، مشهور بالمروءة والكرم والمواساة ، وكانت نعمته وافرة ، فلم يزل على تلك الحال حتى افتقر ، فاحتاج إلى إخوانه الذين كان يواسيهم ويتفضل عليهم ، فواسوه حينا ثم ملوه ، فلما لاح له تغيرهم ، قال لامرأته :

يابنة عم ، قد رأيت من إخواني تغيرا ، وقد عزمت على لزوم بيتي إلى أن يأتيني الموت ، ثم اغلق بابه عليه، و أقام يتقوت بما عنده حتى نفد ، وبقي حائرا في حاله .


وكان عكرمة الفياض واليا على الجزيرة ، فبينتعرف ما هو في مجلسه وعنده جماعة من أهل البلد ، إذ جرى ذكر خزيمة فقال عكرمة : ما حاله ؟


فقالوا : صار في أسوأ الأحوال ، وقد أغلق بابه ، ولزم بيته .

فقال عكرمة : فما وجد خزيمة بن بشر مواسيا ولا مكافئا ! قالوا : لا .


فأمسك عن ذلك الحديث لأمر أخفاه في نفسه ، فلما كان الليل عمد إلى أربعة آلاف دينار ، ووضعها في كيس واحد ، وخرج متنكرا سرا حتى وقف بباب خزيمة وطرقه ، فخرج خزيمة ، فقال له : أصلح بهذا شأنك ، فتناوله فوجده ثقيلا ، فقبض خزيمة على لجام الدابة ، وقال : من أنت ، جعلت فداءك ؟ قال له : ما جئتك في هذا الوقت وأنا أريد أن تعرفني .

قال خزيمة : فما أقبله أو تخبرني من أنت ؟

فقال : أنا جابر عثرات الكرام ، ثم انصرف .


فدخل خزيمة داره وهو يتحسس الكيس والدراهم غير مصدق . ورجع عكرمة إلى منزله ، فوجد امرأته قد افتقدته وارتابت ، ولطمت خدها ، فلما رآها على تلك الحال قال لها : ما دهاك يا ابنة عم ؟

قالت : سوء فعلتك بابنة عمك ، أمير الجزيرة لا يخرج في هدأة من الليل سرا دون غلمانه إلا إلى زوجة أو سرية !

قال : لقد علم الله ما خرجت لواحدة منها.

قالت : فخبرني فيم خرجت ؟

قال : يا هذه لم أخرج في هذا الوقت إلا وأنا لا أريد ألا يعلم بي أحد .

قالت : لا بد أن تعلمني.

قال : فاكتميه إذا .

قالت : سأفعل.

فأخبرها بالقصة على وجهها

فقالت : قد سكن قلبي .


ثم أن خزيمة أصبح ، فصالح غرمائه و أصلح من حاله ، ثم تجهز قاصدا سليمان بن عبدالملك فلما حضره ، استأذن عليه ، فأذن له سليمان لما يعلم من مروءته ، فأخذ سليمان يسأله عن حاله وسبب إبطاءه عنه ، فأخبره خزيمة بقصة زائر الليل.

فقال سليمان : هل عرفته ؟

قال : لا والله لأنه كان متنكرا ، وما سمعت منه إلا أنه جابر عثرات الكرام .

فتلهف سليمان على معرفته وقال : لو عرفناه لأعناه على مروءته.


ثم عقد لخزيمة ولاية الجزيرة وعلى عمل "عكرمة الفياض" نفسه ، و أجزل عطاياه ، وأمره بالتوجه إلى الجزيرة .

فخرج خزيمة إليها ، فلما قرب منها خرج عكرمة وأهل البلدة للقائه ، وسارا جميعا إلى أن دخلا البلد فنزل خزيمة دار الإمارة ، وأمر أن يؤخذ عكرمة ويحاسب ، فحوسب ، ففضل عليه مال كثير فطلبه خزيمة بالمال.

قال عكرمة : مالي إلى شيء منه من سبيل, و لست ممن يصون ماله بعرضه ، فأصنع ما شئت. فأمر به فكبل بالحديد ، و وضع في الحبس وضيق عليه ، فأقام على ذلك شهرا ، فأضناه ثقل الحديد وأضر به .


وبلغ ذلك ابنة عمه ، فدعت جارية لها ذات عقل ، وقالت : امض الساعة إلى باب هذا الأمير ، فقولي عندي نصيحة ، ولا أقولها إلا للأمير نفسه ، فإذا دخلت عليه سليه في الخلوة : ما كان هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك في مكافأتك له بالضيق والحبس والحديد ! ففعلت الجارية ذلك فلما سمع خزيمة قولها قال : واسوأتاه ! جابر عثرات الكرام غريمي !


فأمر من وقته بدابته فأسرجت ، وركب إلى وجوه أهل البلد فجمعهم وسار بهم إلى باب الحبس ففتح ، ودخل فرأى عكرمة الفياض في قاع الحبس متغيرا ، قد أضناه الضر . فلما نظر عكرمة إلى خزيمة وإلى الناس احشمه ذلك ، فنكس رأسه . فأقبل خزيمة حتى انكب على رأسه فقبله فرفع عكرمة رأسه إليه وقال : ما أعقب هذا منك ؟

قال : كريم فعالك وسوء مكافأتي .

قال : يغفر الله لنا ولك.


ثم أمر خزيمة بفك قيود عكرمة و خرجا جميعا إلى أن وصلا إلى دار خزيمة ، فودعه عكرمة وأراد الانصراف ، فلم يمكنه من ذلك ، وقال : وما تريد ؟

قال : أغير من حالك ما أراه ، ثم أمر بالحمام فأخلي ودخلا جميعا ، ثم قام خزيمة فتولى خدمة عكرمة بنفسه ، وسأله أن يسير معه إلى أمير المؤمنين.

فسارا جميع حتى قدما على سليمان بن عبدالملك ، فراعه قدوم خزيمة بدون أمره مع قرب العهد به ، فأذن لخزيمة ، فلما دخل عليه قال له قبل أن يسلم : ما وراءك يا خزيمة ؟

قال : خيرا يا أمير المؤمنين ، ظفرت بجابر عثرات الكرام ، فأحببت أن أسرك لما أعلم من شوقك إلى رؤيتهقال : ومن هو ؟

قال : عكرمة الفياض


فأذن له بالدخول ، فدخل وسلم عليه وأدناه من مجلسه وقال : يا عكرمة ، كان خيرك له وبالا عليك.

ثم قضى حوائجه وأمر له بعشرة آلاف دينار ، و عقد له على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان ، وقال له : أمر خزيمة بيدك ، إن شئت أبقيته و إن شئت عزلته.

قال : بل أرده إلى عمله يا أمير المؤمنين ثم انصرفا جميعا ، ولم يزالا عاملين لسليمان مدة خلافته.

اذكار الصباح - نوع غشاء البكاره - الحروف الابجدية - كلام رومانسي - شهر 12 - كلام عن الام - كلام جميل - صفحات القرآن - الجري السريع - ترددات القنوات - كلام جميل عن الحب - كلمات عن الام - كلام في الحب - عبارات تهاني - كلام حب و عشق - طرق إثارة - دعاء للمريض - كلام حلو - الحروف العربية - العشق - دعاء للميت - تفسير أحلام - ادعية رمضان - الوضوء الأكبر - أعرف نوع الجنين - كلام جميل