أحلام اليقظة هي نوع من الأحلام التي يمارسها الشخص أثناء النهار، وتكون على شكل نشاط عقلي تخيلي، وقد تعود أسبابها إلى دوافع عقلية أو نفسية أو عاطفية أو اجتماعية، وهي تساعد على تحقيق التوازن. وأغلب من يستخدم هذه الوسيلة هم المراهقين للتعبير عن أنفسهم وميولهم. وهي عادة ما تكون لفترات قصيرة متقطعة، ولكنها قد تمتد لحد الإستغراق؛ وقد تتطور لتصبح حالة مرضية، وهي الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان التمييز ما بين الواقع وبين أحلامه لشدة استغراقه فيها وطول فتراتها.
والسبب الرئيسي في أحلام اليقظة، هو عدم القدرة على مواجهة الواقع؛ لشعوره بالنقص أو الدونية، فتكون طريقا للشخص ليهرب من واقعه فيلجأ إلى عالم جميل يرسمه في خياله، ويكون هذا العالم التخيلي أو الافتراضي هو المكان المثالي الذي يرغب الشخص أن يكون فيه، فيهرب من مشاكل وعيوب واقعه ويحيا الحياة التي يتمناها. كأن يكون ضعيفا هزيلا؛ فيعيش في عالم يكون فيه هو المسيطر ذو قوة كبيرة، أو أن يكون فقيرا؛ فيختلق عالما يكون فيه غنيا وذو نفوذ، أو يكون متعلقا بشخص لا يستطيع الوصول إليه؛ فيعيش في عالم يكون مع هذا الشخص ويعيشون في أهنأ بال.
أحلام اليقظة كغيرها من الأمور النفسية؛ لها جوانب إيجابية وجوانب سلبية، جوانبها الإيجابية تكون في تنمية التفكير والتخيل لدى الشخص، فاختلاق عالم افتراضي قد يساعد على حل مشكلات يتعرض لها الشخص وتقوي من شخصيته، الابتعاد عن الواقع المرير للشخص يؤدي إلى تحسين نفسيته ويحقق له التوازن النفسي. أما عن السلبيات؛ فهي تؤدي في كل الأوقات إلى فقدان التركيز وضعف الانتباه، حيث يكون الشخص في مكان آخر ولا ينتبه لما يحدث حوله، هي من مظاهر ضعف الشخصية وقلة الثقة بالنفس وتجعل الإنسان انهزاميا؛ لا يواجه مشاكله أو واقعه، إنما يستخدم أسرع طريقة وهي الهروب.
التوازن هو ما يجعل الإنسان مستقرا؛ ويدفعه نحو الأمام في كل مناحي حياته. وأحلام اليقظة كغيرها من الأمور تحتاج إلى التوازن حتى لا تتحول إلى مرض نفسي؛ قد تقضي على حاضره ومستقبله. فالإفراط في هذا النوع من الأحلام قد تجعل الشخص لا يستطيع التفريق بين الواقع والخيال؛ مما يسبب له مشاكل وعيوب نفسية خطيرة. ولذلك؛ يجب مراعاة عدة عوامل عند ممارسة أحلام اليقظة، ومنها أن تكون الفترات قصيرة وفي أوقات الاسترخاء، فلا يقوم الشخص بها أثناء عمله أو عند القيام بأمر مهم. ولا يقوم بها وهو في حالة عصبية أو تعب نفسي، فهذا من شأنه أن يطيل فترة الحلم وتؤثر سلبا على نفسيته عند عودته إلى الواقع. ألا تكون عادة أو نهجا يتبعه الشخص في كل الأوقات، لأنها مع مرور الزمن ستصبح لزاما عليه وتؤثر عليه سلبا إن لم يدخل إلى هذا العالم الافتراضي الذي أنشأه.
الكلمة الجوهرية في هذا الموضوع وسواه من المواضيع المتعلقة بالأمور التي تؤثر على نفسية الشخص هي الاعتدال، قال تعالى (وجعلناكم أمة وسطا)، الاعتدال هو ما يحقق التوازن، فيأخذ الإيجابي من كل أمور حياته ويمضي إلى الأمام بكل ثقة وخطى ثابتة، أما الإفراط في ناحية على حساب الأخرى؛ فستؤدي إلى نتائج كارثية قد لا تحمد عقباها.