الخزف

تعني كلمة الخزف الطين الذي يتم حرقه على النار، وهو أحد أهم الفنون القديمة التي عرفها الإنسان منذ العصور الأولى لتاريخ البشرية، ولا زالت له أهميته حتى وقتنا الحاضر، وقد تطور هذا الفن ضمن مراحل الحياة اليومية للإنسان، وأصبح أحد الفروع الحيوية والمهمة للفنون التشكيلية، الذي تابع علماء الآثار والتاريخ تطور مراحل صناعته الخزفية بأشكالها المتنوعة بين الخزف والفخار، والتي ساعدت في فهم ومعرفة تاريخ الحضارات القديمة والمتتالية، وأظهرت الأواني الفخارية التي تم العثور عليها مهارة وذكاء محترفي هذا الفن التشكيلي.

معلومات عن الخزف

مرّ فنّ الخزف التشكيلي من بداية البشرية بعدة مراحل، وأول ما تم تشكيله من خامة الطين، ولقد اُطلق عليه قديماً فن (الفخار)، حتى سُمي حديثاً بهذا الاسم، ومن أهم مراحل تطوره:

  • عندما استقر الإنسان وزادت خبراته، وتعددت تجاربه في صناعة القطع والأواني المنزلية البسيطة، والتي امتازت بدورها النافع لاستخدامها في حياته اليومية، مثل قدور الطهي المزخرفة على السطح، ذات الأغطية المخروطية الشكل والمرتفعة، وقد تكون خالية من الألوان، ويعود تاريخ هذه الصناعة إلى عام 11,000 قبل الميلاد، وقد استخدم المصريون منذ 3000 عام قبل الميلاد الطلاء الزجاجي الشفاف، والذي ساعد في المحافظة على السوائل والأطعمة، لتنتشر بعدها صناعته من مصر إلى الدول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط.
  • احترف سكان جزيرة كريت في القرن السابع عشر قبل الميلاد هذه الحرفة اليدوية الجميلة بأشكالها ومنقوشاتها على هيئة الإنسان والحيوانات، ولقد تأثر اليونانيون بطريقة الكريتين، وأضاف الفنان اليوناني القديم الأناقة بزخرفة رسوم ذات طابع مفعم بالحيوية والدقة.
  • وصلت مهارة هذه الحرفة إلى شعوب مختلفة بالعالم، حتى وصلت لأمريكا الشمالية والجنوبية، وقامت بعض قبائل الهنود الحمر بالإبداع في تطويرها، مثل قبيلة المايا، وافنكا، والبوابلو.
  • أخذت خلال القرن السادس الميلادي بالتطور في أفريقيا على يد مملكة (نوك) التي اختصت وأبدعت بأسلوبها المتطور والمتقدم بصناعة رؤوس للتزيين خزفية وواقعية، حتى قام فناني مملكتي (بنين وإيفي) في منتصف القرن العاشر الميلادي بصنع نماذج كبيرة ومزخرفة من التماثيل المعدنية.
  • بدأ الخزافون في الصين، في عهد أسرة شانج بين الأعوام (1027-1500) قبل الميلاد، بإجادة هذه الحرفة باستخدام (دولاب الخزاف) وإدخال الطلاء الزجاجي في أعمال وتصاميم خزفية ذات أشكال جديدة سميت بـ (الميوليق).
  • بدأت دول الشرق الأدنى بتصدير منتجاتها الخزفية إلى أوروبا، وأخذت المصانع الأوروبية بتقليد تلك المنتجات، كما أدخلت أساليب وأنواع حديثة مثل الخزف المصقول والزليج.
  • اكتشف الأوروبي يوهان فريدريك بوتجر في عام 1708م، سّر طريقة صنع الخزف التي أخفاها الصينيون عن العالم، لتنتشر بعدها مصانع إنتاج الأواني الخزفية الصينية في أوروبا.
  • انتشرت هذه الحرفة في إنجلترا بأواخر القرن الثامن عشر الميلادي، حتى تصدّرت في أوائل القرن التاسع عشر صناعتها وإنتاجها، ولا زالت من أهم الدول المصدّرة له.

التطور الحديث لأساليب صناعة الخزف

  • أخذت أساليب صناعة الخزف بالتطور خلال القرن العشرين، وذلك من خلال إبداع الخزافين بأعمالهم التي تحمل الطابع الشخصي، وقد استخدم معظم محترفيها طرق ووسائل اُستخدمت بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين أي قبل الثورة الصناعية، وقد أخذت جميع تلك التطورات لتلك الصناعة وتصاميمها بالوصول السريع إلى الأنحاء الأخرى من العالم، ليتأثر بها خزافينها المحترفين.
  • أصبحت تمارس كهواية في أوائل القرن العشرين، ولها مدارس متخصصة بتدريسها ومعاهد ومعارض تشجع الهواة والخزافين على الإبداع والتطور في هذا الفن العريق.

صناعة الخرف خلال العصور الإسلامية

  • ظهرت أول مدرسة لفن صناعة الخزف في عصر بني اُميّة، وذلك بعد الفتوحات والتوسعات الإسلامية، التي امتدت إلى مساحات واسعة من العالم، وقد أخذت تكتسب الدولة الإسلامية من الشعوب التي وصلت إليها بعض الصفات الخاصة لتلك الشعوب، مثل مظاهر الحياة الاجتماعية والحرف والفنون التي أثرت بفنون الزخارف الإسلامية والمتمثلة برسوم للطبيعة والنبات.
  • برز الطراز الإسلامي لهذا الفن في العصر العباسي، حيث تأثر في العراق بالفن الساساني، وقد اُعتبرت مرحلة فاصلة ومهمة لتشكيل تاريخ وطابع الفن الإسلامي، وقد تميّز هذا الطراز باستخدام زخرفة الإبريق المعدني، بأن يتم دهانه أولاً بالأبيض المائل للأزرق أو الأخضر، ويجفف عن طريق الحرق ويرسم عليه زخارف بطلاء يحتوي أكسيدات معدنية، ليجفف ببطء ثانية، حتى تأخذ الرسومات الزخرفية على أواني وأباريق الذهب والفضة لونها النهائي.