الوطن مهوى الأفئدة وأحبُّ الأشياء إلى القلوب والنفوس، فهو في نظر غالبية الناس هو مصّدر الأمن والأمان، ومسّقط الرأس، وأرض الآباء والأجداد، والتاريخ الأصيل الضارب في عُمق الزمن، وهو مَرتع الطفولة وذكرياتها التي لا تنسى، وحياة الشباب والصبا وفيه تزدهر الأحلام والآمال وتنمو، وهو الحضن الدافئ في الشيخوخة والملجأ حين تضيق بالمرء سُبل الحياة والعيش في اى مكانٍ آخر من هذا العالم.
بالنسبة لأبنائه هو رمز الانتماء والهوية والأرض والتاريخ وهي أشياءٌ تولد مع الفرد وينتمي لها ويدافع عنها بالفطرة السليمة، وفي قصة الرسول صلى الله عليه وسلم أكبر دليل على حبه وتعلُّقه بوطنه الأم وهي مكة المكرمة؛ فقد خاطبها حين هاجر منها بقوله أنكِ أحب البلاد إليّ، وهذا أمرٌ غير مستغربٍ ولا مستهجنٍّ فالمرء الأصيل الكريم الطباع هو من يشعر بالحنين والانتماء إلى تراب وطنه، كما أنه يُعطي لأبنائه كافة الحقوق التي من الصعب الحصول عليها في اى مكانٍ آخر كحقّ الانتخاب والتصويت، وممارسة العبادات والشعائر الدينية الخاصة بالفرد والتي قد يُمنع منها لو هاجر أو انتقل إلى وطنٍ غير وطنه.
له العديد من أفضاله على أبنائه لا عدّ لها ولا حصّر وفي المقابل على أبنائها البررة واجبٌ تجاه وطنهم بألا يُفرَّط في مقدرات الوطن وممتلكاته الخاصة والعامة، ولا يُسمَح لأيٍّ كان بالعبث بها أو تخريبها وتدميرها، أو العبث وتزوير تاريخه وحضاراته أو الاستهانة والاستخفاف به أو بأبنائه من العلماء والمحاربين والجنود وغيرهم، كما أنّ من حق الوطن علينا المساهمة في دفّعه قُدمًا نحو الأمام من خلال تسريع عجلة التعليم والتربية والتصنيع ومحاربة الفساد والبقاء في الوطن والعمل في مؤسساته وتطويرها، ومن واجبنا نحوه أيضًا تشجيع الأبناء من جيل الشباب على الحفاظ على تراثه وفي ذات الوقت مواكبة العصر في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة والتكنولوجيا، وأيضًا تقديم الخدمات للوطن من خلال الانخراط في العمل التطوعي في كافة المجالات كدور المسنين، وتقديم المساعدات للمحتاجين من الفقراء والعجزة وأصحاب الحاجة، وأيضاً مساعدة مؤسسات الوطن في إنجاز أعمالها كتنظيف الشوارع وإزالة الكتابة والرسومات الموجودة على الجدران وتنظيم حملات لتنظيف الأماكن العامة والحدائق والشواطئ إلى جانب المساهمة في نشّر التوعية حول ضرورة المحافظة على الأملاك العامة، واتباع كافة القوانين والتعليمات الموجودة في الوطن والتي وُضعت من أجل حماية الوطن داخليًّا من تفشي الظلم والاضطهاد والرذيلة وحمايته خارجيًّا من تغلغل كل من أراد بالوطن سوءًا.
الوطن الآمن المستقرّ أمانةٌ في أعناق أبنائه لا يشّعُر بتلك القِيمة العظيمة إلا من اضطرته الظروف إلى ترّك وطنه والعيش بعيدًا عنه في مكانٍ لا ينتمي له أبدًا.
ننصحك بمشاهدة الفيديو التالي لتعلم كتابة موضوع تعبير بطريقة احترافية في دقيقة واحدة: