هل فكرت يوماً بعظمة بناء الأهرامات؟ هل خيّل إليك أنّ إنسان قادراً على حمل حجرٍ وزنه لا يقلّ عن 2.5 طن؟ هل سألت نفسك عن الهندسة البنائية المتطورة التي استخدمت في بناء الأهرامات؟ كثيرٌ من الناس ينظر إلى الأهرامات بأنها مجرد مجموعة من الأحجار التي شيدت عن طريق نقلها بواسطة الأخشاب والحبال، وتعرف على ما هى إلّا صرحٌ للفراعنة، كانوا يدفنون بداخلها عند الموت.
موقع الأهرامات في مصر
تقع الأهرامات في منطقة الفيوم ووتتركز في الجيزة، وأشهرها هرم خوفو، وخفرع، ومنقرع، بنيت بين فترة (2630- 1530) ق.م، على يد القدماء المصريين، لتكون مكان سكن ملوكهم بعد الموت، فكانت تشيد من الأحجار الكبيرة، وتجهز تجهيزاً كاملاً، وتوضع فيها الكنوز والممتلكات وحتى الأدوات البسيطة التي باعتقادهم سيستخدمها الملك بعد الموت.
كيف بنيت الأهرامات
تعدّ هيكلة وهندسة بناء الأهرامات لغزاً حير العلماء على مدار السنين، فمن أبزر ما عرف عن الأهرامات أن أضلع الهرم الأربعة كانت تماماً مع الاتجاهات الأربعة المعروفة، شمال، جنوب، شرق، غرب، وكان مدخل الهرم دائماً يبنى من الجهة الشمالية للهرم، وقد قال علماء الطاقة عن هذه الهيكلة، بأنّ وضع الهرم بهذا الشكل سيسمح بالطاقة الإيجابية بالمرور من رأس الهرم تماماً إلى غرفة الدفن التي كان يدفن فيها الملك، وقام العلماء بدراسة هذه الظاهرة، فوجدوا أنّ هرم خوفو في منتصف النهار، تسقط عليه أشعة الشمس في منتصف الرأس تماماً، وتدخل أشعة الشمس حتى تصل الى رأس المومياء المدفونة في مركز الهرم تحت الأرض.
وممّا حيّر العلماء أيضاً، أنّ موقع بناء كلٍ من هرم خوفو وخفرع ومنقرع، تقع في خط واحد وعلى استقامة واحدة مع النجم الشمالي القطبي، فقد اعتقدوا بأن بناء الأهرامات بهذا الشكل، سيُحل عليها بركة الآلهة، وتحفظها من السرقات والنهب، بالإضافة إلى تزويد الأهرامات بالطاقة اللازمة حتى تعيش أرواح الملوك بسلام بعد الموت.
وقد شيّدت أغلب أهرامات مصر غربي النيل، في المكان الذي تغرب منه الشمس وقت الغروب، ظناً منهم بأن أرواح الملوك تغادر مع مغادرة الشمس الأرض، وترجع في اليوم التالي حتى تجدد نشاطها وتتجدد بالطاقة الموجودة داخل الهرم، ووجد بأن الأهرامات كذلك متصلة بقنوات مائية مع نهر النيل في الجزء الأسفل من الهرم، حتى يتم توصيل المياة لغرفة الدفن.
وممّا عرف عن الأهرامات أيضاً الكتابة الهيروغليفية المنتشرة في كافة أرجاء الهرم، فمنها ما كان تعليمات لزوار الهرم بعدم الدخول، وتحذيرات من وجود أفخاخ، وسحر أسود يحيط بالمكان ويحرس الملك، ومنها ما كان عبارة عن تراتيل ليتلوها الملك للآلهة بعد الموت، وشيدت الأهرامات بطريقة متاهية ضخمة ليصعب الوصول إلى غرفة الدفن التي كانت مليئة بالكنوز الثمينة، ومنها ما كان محروساً بالأفخاخ متقنة الصنع والتي صمدت حتى يومنا هذا، ومن أشهر الفخاخ الغرفة الرملية، وهي عبارة عن غرفة عندما يدخلها الشخص تُسدُ كافة مداخلها وتبدأ الرمال بالتدفق من فتحات في الجدران حتى يتم دفن من كان بالغرفة.
من بنى الأهرامات
المعروف أن الفراعنة هم من بنوا الأهرامات، لكن بعض الأبحاث تبيّن أن حجم الفراعنة ليس أكبر من حجم الناس في الوقت الحاضر بكثير، فكيف استطاعوا حمل الحجارة ونقلها، مع العلم أنها مبنيّة في مكانٍ رمليّ ليس به حجارة، والمكان الذي يمكن الحصول على حجارة منه يبعد عدة كيلومترات عن مكان البناء، مما فتح المجال لإعادة التفكير في بناة الأهرامات الأصليين، وأن الفراعنة وجدوها واستخدموها.
بعض الآراء تقول بأن بناة الأهرامات الأصلين هم قوم عاد حيث ذُكر في القرآن الكريم: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ" والعماد هي البنايات المرتفعة عن الأرض والمدببة الرأس، وعرف عن قوم عاد بأجسامهم الضخمة، إذن فهم أقدر على حمل الحجارة وبنائها. وقيل أيضاً بأن بناة الأهرامات هم الجن المسخر لسيدنا سليمان عليه السلام، ونظريات حاليّة تقول بأن غزاة من خارج الأرض هم من بنوا الأهرامات نظراً لضخامة الحجارة المستخدمة في البناء، وأن من المستحيل نقلها من مكان إلى أخر ورفعها إلى هذا الارتفاع بواسطة بشر وباستخدام الأخشاب فقط، وممّا عرف عن ملوك الفراعنة، بأن كل ملك جديد يقوم بطمس أو إزالة النقوش التي نقشت في عصر الملك القديم؛ حتى يعتقد الناس بأنه هو من قام ببناء الأهرامات، وهذا ما زاد من تأكيد نظرية أن الفراعنة هم لصوص حضارة وليسوا البناة الأصلين للأهرامات.