أحسن الحديث هو الحديث عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يلامس القلب والروح فمن أحب إلينا منه ومن صحابته الكرام البررة الذي فعلوا ما أمروا به، ومن احسن وأفضل من نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، فقد مثلوا القدوات وأجملوا في العطاء والنصح ونقلوا الصورة واضحة جلية من بيت رسوول الله صلى الله عليه وسلم لنا لكي نتعلم ونهتدي بهديه، ومن نتحدث عنها اليوم هي أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
بعد وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم مكث النبي فترة من الزمن بغير زواج؛ ولم يفكر بخطبة عائشة رضي الله عنها إلا بعد اقتراح خولة بنت الحكيم عليه، لتؤكد عظيم الصلة بين النبيصلى الله عليه وسلم، واحب أصدقائه إليه أبو بكر رضي الله عنه، وقد كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدي.
وتم خطبة عائشة في السنة الخامسة للبعثة، وتم اتمام الزواج في السنة الثانية للهجرة، وعند دخولها البيت النبوي سهرت سودة على رعايتها والاهتمام بها إلى أن توفاها الله سبحانه وتعالى.
وهنا أريد أن أنوه إلى أن في الرد على ما يقال عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه تزوج عائشة وهي طفلة، وما ورد عن الدكتور طارق السويدان في برنامجه تاريخنا في الميزان، حيث يذكر العمر الحقيقي لعائشة رضي الله عنها عند الزواج، ففي صحيح البخاري ذكر الحديث على لسان أم المؤمنين قالت: "لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة"، فقد كانت عائشة في عمر تعقل فيه قبل الهجرة إلى الحبشة وذلك لا يحدث إلا في عمر ال الخمس سنين وما فوق، إذا فالحد الأدنى لعمر أم المؤمنين قبل الهجرة إلى الحبشة خمس سنوات، وقد يكون أكثر من ذلك ويوثق التاريخ بالإجماع أن الهجرة إلى الحبشة حدثت في السنة الخامسة للبعثة، إذ نستطيع أن نقول أن عمر السيدة عائشة كان خمس سنوات عند حدوث الهجرة إلى الحبشة، ومن ثم حدثت الهجرة إلى المدينة بعد 13 سنة من البعثة، اذا بكل وضوح عمر السيدة عائشة كان عند الهجرة 13 سنة وذلك الحد الأدنى، ومن ثم تزوجت بعد ذلك بسنتين فكانت في سن 15 عند الزواج وهو الإستنتاج الصحيح.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في فضلها مما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري أنه قال، قال رسول الله: "كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
توفيت سنة 58 ليلة الثلاثاء من رمضان دفنت بالوتر في البقيع.