عائشة بنت أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي من قريش، تلتقي مع رسول الله في الجد السادس مرمة بن كعب، أمها زينب أم رومان، من أوائل المسلمات المهاجرات، المكناة بأم عبد الله.
خطب النبي عائشة وهو في مكة، وكانت ابنة ست أو سبع سنين، بعد وفاة السيدة خديجة، و كانت من أوائل الذين أسلموا مع بداية الدعوة مع والدها وأمها وأختها، وهي أحب خلق الله إلى قلبه، وعندما هاجر الرسول إلى المدينة، تركها وترك بناته، ولما وصل إلى هناك، أرسل اليهم من يأخذهم إليه، وتم زفاف السيدة عائشة إلى رسول الله في شهر شوال من أول سنة بعد الهجرة.
عاشت أم المؤمنين عائشة في كنف الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يفقدها إحساسها بصباها، وإنما عاشت الفترة الأولى كزوجة دون تحمل أية مسؤولية، ثم أدركت بعد ذلك أنها أصبحت ذات مكانة تدفعها لحمل الأعباء والمسؤوليات وترك اللعب واللهو، فقد أصبحت أم المؤمنين، فجعلت تحفظ الحديث عن رسول الله وتعي وتستفسر ما تسمع، وتعلم النساء ما تعلّمته من رسول الله، وبينت لهم أمورهم ووضحتها، وكانت أكثر نساء الرسول رواية للحديث، و كانت من المبشرين بالجنة.
أخذت عن رسول الله معاني الوحي المنزل حتى آخر آية، توفي الرسول في بيتها وبين يديها ودفن في حجرتها، عاشت أم المؤمنين عائشة بعد وفاة الرسول 47 عاماً، أسهمت فيها بتعليم وتفقيه نساء المؤمنين في أمور دينهم دون كلل أو حفيظة، و كذلك شهدت مع رسول الله العديد من الحروب والغزوات، لكن لم يكن لها دور كبير في أيٍّ من ذلك؛ ويرجع ذلك لحداثة سنها وقلة خبراتها.
وقعت مع السيدة عائشة حادثة الإفك الشهيرة، حيث تخلّفت عن رحل الرسول، وعادت يقودها أحد الصحابة الذين عرف عنهم حسن أخلاقهم، فاتهمهم البعض من الناس بالفحش، وأصاب الأمة من الخوف ما لم يصبهم مثله قط، رقدت عائشة في بيت رسول الله ولم يرها قط، إلى أن دخل عليها وعندها والدها وأمها. ولما رأت أن رسول الله لا يملك من الرأي أمراً إلا أن ينزل الله فيها تبرأة منه، سالت والدها ووالدتها، لكنهما كانا في شك مما يعلمون، فما كان منهما إلا أن يقولا أن الله ورسوله أعلم، بقي الحال على تعرف ما هو عليه حتى نزل الوحي على رسول الله، وأنزل الآية التي عرفت ببطلان حادثة الإفك، وكانت أم المؤمنين الوحيدة التي أنزل الله تعالي فيها آية، فبرّأها وأظهر طهرها وبطلان ما شاع عنها.
كانت السنة 58 بعد الهجرة في ليلة القدر من شهر رمضان ليلة وفاة أحب الخلق إلى قلب الرسول، عائشة، صلى عليها الناس ودفنت مع صاحباتها كما أوصت، توفيت عن عمر يناهز الـ 70 عاماً.