دراسة سيرة الرسول الأعظم مُحمّد صلّى الله عليهِ وسلّم ليست مُجرّد سردٍ تاريخيّ للأحداث والوقائع التي جرَت في عهده، بل إنَّ المُتصفّح للتاريخ النبويّ يجد آثار الرحمة والعدل والإنسانيّة مُتجسّدةً في جزئيات حياة المُصطفى عليه الصلاة والسلام، ومن هذا الباب تكونُ القدوة والأسوة بالسلوك النبويّ والتّشبّه بمحاسن الأخلاق التي اكتسبت حُسنها من شخص النبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم.
وتدخل دراسات الأثر النبويّ في معرفة حياة النبيّ صلى الله عليه وسلّم الخاصّة من حيث زوجاته وأبنائه وبناته، وكيف كانت التربية النبويّة لهُم، وكيف كانَ يتعامل مع زوجاته وسلوكه داخل البيت، ونستقي من خلال ذلك الطريقة المُثلى للحياة الخاصّة والعامّة، وسنقوم في هذا المقال بتسليط الضوء على ذريّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الإناث، وهُنَّ بناتهُ الطاهرات نسباً وصهراً فلم يتزوجهنّ إلا الأخيار ولم يُنجبن إلا أبطال.
زواج الرسول صلّى الله عليه وسلّم من خديجة رضي الله عنها
تزوّج النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم أوّل زوجة وهو في سنّ الخامسة والعشرين من عُمره وكانت هذهِ الزوجة هيَ خديحة بنت خويلد وهيَ من أشرف نساء مكّة وأكثرهنّ عزّاً ومالاً وجاهاً، وقد أُعجبت خديجة بنت خويلد بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم لِما رأت منهُ صدق الحديث وأمانة الرجال، حيث إنّ خديجة كانَ لها تجارة بالشام وانتدبت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليكون عوناً لها في تجارتها، وكانَ برفقة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في رحلة تجارته غلامُ خديجة واسمهُ ميسرة، وقد أخبر خديجة بفضائل أخلاق النبيّ الكريم فأعجبت به وأسرّت لصديقتها نفيسه بنت منبه وتمّ إخبار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم برغبة خديجة الزواج منه فحدثَ الزواج الطاهر العفيف الذي أُنجبت منهُ بنات النبيّ صلّى الله عليهِ وسلّم وجُلّ ذريّته.
فقد ولدت خديجة للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم غُلامين وأربع بنات، أمّا الغُلامين فهُما القاسم وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُكنّى به، وعبد الله وقد توفّاهم الله في حياة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لحكمة يعلمها الله.
بنات الرسول صلّى الله عليه وسلّم
وأمّا بنات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فهُنّ أربع بنات كلهنّ من خديجة رضيَ الله عنها، وهُنّ زينب ورقيّة وأمّ كلثوم وفاطمة، أمّا أكبر بناته صلّى الله عليه وسلّم هيَ زينب رضيَ الله عنها، وأصغرهنّ هيَ فاطمة الزهراء رضيَ الله عنها، وقد تزوجت بنات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حياته، أمّا زيينب الكُبرى فقد وُلدت قبل البعثة بعشر سنوات وتزوّجها أبو العاص بن الربيع الذي كانَ يُحبّها حبّاً شديداً وكانت هيَ تُحبّه وقد افتدت زينب رضيَ الله عنها زوجها عند أسره بقلادة زفافها، وأمّا رقيّة وهي البنت الثانية فقد ولدت قبل البعثة بسبعة أعوام وتزوجّت عُثمان بن عفّان رضيَ الله عنها وتزوّج عثمان أيضاً بأمّ كلثوم بعد وفاة رقيّة ليلقّب بذي النورين لزواجه من ابنتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أمّا فاطمة الزهراء فهي زوجة عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه وهيَ أمَ الحسن والحسين سبطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورضيَ الله عن بنات رسول الله وآل بيته أجمعين.
