إذا ذكرت قصص الحبّ بين الأزواج ، كانت قصّة حبّ النّبي صلّى الله عليه و سلّم للسّيدة عائشة رضي الله عنها من أروع تلك القصص و أجملها على الإطلاق ، فقد كانت السّيدة عائشة من أقرب النّاس إلى رسول الله عليه الصّلاة و السّلام ، بل و كانت من أحبّ أزواجه إلى قلبه ، حتّى أنّه كان يدعو ربّه أن لا يؤاخذه على ميله القلبيّ اتجاهها فيقول ، اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تآخذني فيما تملك و لا أملك ، أي أنّه كان يعدل عليه الصّلاة و السّلام في القسمة الماديّة إلا أنّه لم يملك قلبه الذي كان يميل إلى السّيدة عائشة رضي الله عنها ، و قد تجلّت صور المحبّة بين النّبي الكريم و زوجته عائشة في مناسباتٍ عديدةٍ فكان يتحرّى اليوم الذي يكون عندها بين الأيّام التي يقسّمها بين أزواجه ، و خاصّةً حين مرضه حيث استاذن أزواجه في أن يمرّض في بيتها ، فكان عندها حتى توفّي عليه الصّلاة و السّلام بين سحرها و نحرها .
و قد كانت السّيدة عائشة بنت أبي بكر الصّديق شديدة الغيرة على النّبي صلّى الله عليه و سلّم ، فحين كان يذكر السّيدة خديجة رضي الله عنها تغار من ذلك و لسان حالها يقول يارسول الله قد أبدلك الله خير من هذه العجوز ، فيقول النّبي الكريم و الله ما أبدلني الله خير منها و يذكر محاسنها و كيف وقفت معه في الشّدائد و الملمّات ، و قد حدث مرة أن قامت إحدى نساء النّبي بإهدائه إناءً من الطّعام و هو في بيت عائشة ، فلمّا رأته قامت بإلقائه على الأرض و كسره ، فتبسّم النّبي الكريم و قال غارت أمكم ، و لكن غيرتها لم تحملها على أن تفعل شيئاً يغضب الله ، بل كانت مثال الزّوجة الصّالحة التي تعتني بزوجها و تحرص على رضاه ، و قد اشتهرت رضي الله عنها بالعلم و روت أحاديث كثيرة عن النّبي صلّى الله عليه و سلّم .
و إنّ سيرة أمّ المؤمنين عائشة لتضيق بها الصّفحات و الكتب ، و إنّ في قصّة الإفك حيث برّأها الله مما اتّهمه المنافقون بها لدلالةً على طهرها و عظمة مكانتها عند أهل السّنة ، و إنّ الذين يتطاولون عليها من الشّيعة و أهل النّفاق عليهم أن يرتقبوا عذاباً أليماً .