مناسك العمرة
جاء الإسلام ليعزّنا بينَ الأمم، ويعلو بنا إلى المرتبة التي شرّفها الله لنا، وهي استخلاف الأرض وإعمارها، من أجل ذلكَ سنّ الله لنا التشريع الإسلامي بما فيه من فروض وسنن ونوافل، وجزانا عليه خير الجزاء في الدنيا والآخرة، فتأتي الفرائض في المرتبة الأولى ونحاسب عليها جميعاً منذ عمر الوجوب وهي أعظم ما نتبع به شرائع الله ونتقرب إليه، ثم تأتي في المرتبة الثانية السنن النبوية، والتي اتخذناها عن هدي الرسول -عليه السلام- في جميع أقواله وأفعاله وسائر حياته اليومية.
حيث أوجدها الله لنا لتكونَ منحةً أخرى يتقربُ بها المؤمن إلى الله سبحانه وتعالى، وقد بينَ الله فضل ذلكَ في الحديث القدسي الشريف، حيثُ قال: "مَنْ عادى لي ولياً فقد آذنتهُ بالحرب، وما تقرَّب إليَ عبدي بشيءٍ أحبَ إليَّ مما افترضه عليه، وما يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتَّى أحبَه، فإنْ أحببته كنتُ سمعهُ الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجلهُ التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته ، ولئنِ استعاذني لأعيذنه ".
السنّة النبوية منهج عظيمٌ أوجده الله ليبين لنا كيفيّة تطبيق أركان وشرائع الإيمان والإسلام، وذلك عن طريق الوحي لسيدنا محمد -عليه السلام-، وسوف نتحدث في مقالنا هذا عن سنة عظيمة فضلها عظيم في الإسلام ألا وهيَ العمرة، فهي سنة تتشابه مع فريضة الحج في كثير من الأركان، ولكن بالطبع تبقى فروقات واضحة تميز فريضة الحج عن السنة، وسوف نتحدث بشيء من التفصيل عن فضل العمرة وطريقة أدائها على الوجه الذي أداه الرسول -عليه السلام-. (1)
طريقة تأدية مناسك العمرة
- أولاً: الإحرام،عند وصول المعتمر إلى الميقات؛ وهو المكان الذي ينوي به المعتمر نيّة العمرة، بقلبه ثم يتلفظها بلسانه بقوله: (لبّيك اللهم عمرة)، هكذا يكون عقد النيّة، وإن خاف المحرم ألاّ يقيم المناسك بسبب مرض أو عذر فيضيف على نية الإحرام اللفظية: (فإن حبسني حابس فمحلني حيث حبسني)، ويستحب قبل الإحرام أن يقوم المسلم بسنن الفطرة كتقليم الأظافر، ونتف الإبط، والاغتسال، وثمَّ يقوم بارتداء ثياب الإحرام؛ وهي للرجل إزار أبيض غير مخيط يستر به جسمه، ويستحب أن يضطبع الرجل؛ أي يظهر كتفه الأيمن منه الرداء يبنما يلقي الآخر على الجهة اليسرى، أمَّا المرأة فليسَ هناك وصف معين لثيابها، المهم أن يكون ثوباً ساتراً وفضفاضًا ليس فيه زينة أو لفت نظر، ثم يبدأ المعتمر بالتلبية: (لبيّك اللّهم لبيّك، لبيّك لا شريك لك لبيّك، إن الحمد و النعمة لك والملك لا شريك لك)، أما النساء فيقمن التلبية بصوت منخفض.
- ثانياً: عند وصول المعتمر المسجدَ الحرام يجب عليه أن يتأكد من صحة طهارته من الحدث الأصغر والأكبر، ثم يقدم رجله اليمنى عند الدخول كما فعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-، حتى يصل البيت فيقول اللهم زد بيتك هَذَا تشريفاً وتعظيماَ وتكريماَ، وَبراَ ومهابةَ، وَزِدْ مِنْ شرّفه وعظمه ممن حجّه واعتمره تعظيماَ وتشريفاَ وبراَ ومهابةَ"، ثم يتوجه إلى الحجر الأسود ويستقبله ثم يستلمه بيمينه؛ أي يرفع يده اليمنى ويحاول تقبيله إن تيسر ذلك، ولا يؤذي الناس بالمزاحمة، ويقول عند استلامه: (بسم الله والله أكبر).
- ثالثاً: يجعل المعتمر الكعبة عن يساره ثم يبدأ بالطواف، وهو ركن من أركان العمرة عدده سبعة أشواط، ويستوجب الطواف الطهارة كالصلاة، غير أنه يجوز الحديث في الطواف عكس الصلاة، ثم عند وصوله بمحاذاة الركن اليماني يحاول أن يمسكه بيمينه إن استطاع ثم يقول: "بسم الله والله أكبر"، ولا يقبله فهو ليس كالحجر الأسود، فإن صعب عليه مسكه تركه ومضى في طوافه ولا يحتاج إلى تكبير؛ لأن ذلك لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- خلاف الحجر السود والذي يستحب عند محاذاته التكبير والتقبيل، ومحاولة لمسه إن تيسر له ذلك. ويستحب للمعتمر الهرولة أي الرمل، وهوالإسراع في المشي في أول ثلاثة أشواط من طواف القدوم وهي مستحبة للرجال وليس للنساء، ويستحب الإكثار من الاستغفار والدعاء والذكر بما شاء في جميع الأشواط، وليس للطواف دعاء معين ذكره الرسول -عليه السلام-، ويستحب أن يقول بين الركنين اليماني والحجر الأسود: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) في كل شوط؛ لأن ذلك ثبت عن الرسول -عليه السلام-، حتى ينهي المعتمر الشوط السابع يتوجه نحو الحجر الأسود ويقوم بلمسه وتقبيله إن تسهل دون مزاحمة، أو الإشارة إليه برفع يده اليمنى مع التكبير، وبعد إنهائه من الطواف يقوم المعتمر بتغطية كتفه الأيمن ويرمي بردائه على صدره.
- رابعاً: بعد الانتهاء من الطواف يصلي المعتمر ركعتين، وهي سنة من سنن العمرة، وليس ركناً من أركان العمرة عند مقام سيدنا إبراهيم، ويستحب له قبل الصلاة أن يتلو قوله تعالى: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى)، أما بالنسبة للركعتين فيستحب أن يقرأ المعتمر بالركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية سورة الإخلاص، وإن وجد صعوبة في الصلاة عند المقام فيجوز له أن يصلي في اى موضع في الحرم ثم يستحب أن يشرب من ماء زمزم.
- خامساً: السعي بينَ الصفا والمروة، وهو ركن من أركان العمرة ويصح أداؤه بدون وضوء إن تعسر ذلك، فبعد أن ينهي المعتمر الطواف والصلاة يتوجه إلى جبل الصفا، فإذا اقترب منه يقرأ المعتمر: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكرعليم) سورة البقرة، اية 158، ثم يصعد جبل الصفا ويستحب أن يستقبل نحو القبلة ويحمد الله ويكبره ويقول: "لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصرعبده وهزم الأحزاب وحده".
هنا يكون المعتمرقد أدى مناسك العمرة كاملة وعليه أن يتحلل من الإحرام ويكون بتقصير شعره أوحلقه والحلق أفضل، أما المرأة تأخذ من شعرها قليلاً بقدر أنملة، وبهذا يكون تحلل المعتمر من موانع الأحرام ويجوز له التطيب وغيرها. (2)" ، (3)
حكم العمرة ووقتها
العمرة هي سنة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل مرة واحدة في العمر، ولكن يستحب أن يكررها كلما تسنى له ذلك، وهي مستحبة في كل أوقات السنة، إلاّ أن هناك أوقاتاً فضيلة يكون ثوابها أعظم، ففي أشهرالحج ثوابها احسن وأفضل كما قال تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) البقرة(196)، كما أن فضلها عظيماً في رمضان، كما قال -عليه السلام-: (فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي). متفق عليه، كما يستحب تكرارالعمرة ومتابعتها بين الحين والآخر، كما ورد عن الرسول -عليه السلام- :( العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةُ». متفق عليه. (4)
المراجع
- بتصرف عن مقالة العمرة Islam.net
- بتصرف عن مقالة أعمال مناسك العمرة Binbaz.org
- بتصرف عن مقالة العمرة وفق السنة Islamqa.info
- بتصرف عن مقالة مناسك العمرة Eleman.com